كان إلا بعد استئذانها. انتهى كلام وليّ الدين رحمه الله (١).
(قَالَتْ: وَاللهِ مَا أَجِدُنِي) أي: ما أجد نفسي، واتّحاد الفاعل والمفعول مع كونهما ضميرين لشيء واحد من خصائص أفعال القلوب (٢). (إِلا وَجِعَةً) بفتح الواو، وكسر الجيم؛ أي: مريضةً، وقال الطيبيّ رحمه الله؛ أي: أجد في نفسي ضعفًا من المرض، ولا أدري أأقدر على إتمام الحجّ أم لا؟
قال: فإن قلت: كيف طابق قولها: "والله" جوابًا عن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لعلّك أردت؟ ".
قلت: تضمّن في "لعلّ" معنى الاستقصار على سبيل التلطّف، ومن ثمة أظهرت العذر، وأقسمت عليه. انتهى (٣).
(فَقَالَ لَهَا:"حُجِّي) أي: أحرمي بالحجِّ (وَاشْتَرِطي) أي: اجعلي شرطًا في حجك عند الإحرام، وهو اشتراط التحلّل متى احتجتِ إليه، فكأنها قالت لما سألها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن إرادتها الحجّ: إني أريده، وإني أُحسّ من نفسي مرضًا يمنعني من الاستمرار على الإحرام، أفأشترط شرطًا يجعلني في حِلّ متى أحتاج إليه؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: نعم، ثم قالت كما في النسائيّ: "كيف أقول؟ قال: قولي: لبيك اللهمّ لبيك، ومحلّي من الأرض حيث تحبسني، فإن لك على ربّك ما استثنيت"؛ أي: قولي لدى إحرامك: اللهمّ مَحِلِّي؛ أي: موضع إحلالي من الأرض حيث حبستني؛ أي: هو المكان الذي عجزت عن الإتيان بالمناسك، وانحبست عنها بسبب قوّة المرض.
(وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي) الْمَحِلّ - بفتح الميم، وكسر الحاء -: زمانٌ، أو مكانٌ، من حَلّ: إذا خرج من الإحرام، قاله الطيبيّ رحمه الله (٤).
وقال وليّ الدين رحمه الله: قوله: "مَحِلّي" بكسر الحاء؛ أي: موضع حلولي، أو وقت حلولي، والمحلّ يقع على المكان والزمان. انتهى (٥).