أي ليس فيها أرنبٌ، فيَفْزَع لهولها، ولا ضبّ، فينحجر، وليس المعنى أنه ينفي الفزع عن الأرنب، والانحجار عن الضبّ.
وقال أبو بكر: تأويل الآية: لا يسألون البتّة، فيُخرجهم السؤال في بعض الأوقات إلى الإلحاف، فجرى هذا مجرى قولك: فلانٌ لا يُرجَى خيره؛ أي لا خير عنده البتّة، فيُرجى، وأنشد قول امرئ القيس:
وقال الفرّاء قريبًا منه، فإنه قال: نفى الإلحاف عنهم، وهو يريد جميع وجوه السؤال، كما تقول في الكلام: قَلّما رأيت مثل هذا الرجل، ولعلّك لم تر قليلًا ولا كثيرًا من أشباهه.
وجعل أبو بكر الآية عند بعضهم من باب حذف المعطوف، وإن التقدير: لا يسالون الناس إلحافًا، ولا غير إلحاف، كقوله تعالى:{تَقِيكُمُ الْحَرَّ}[النحل: ٨١] أي والبرد. انتهى كلام السمين رحمه الله (٣).
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي ذكره السمين رحمه الله من كلام أئمة اللغة تحقيقٌ حسن، وخلاصته ترجيح كون معنى الآية نفي الإلحاح والسؤال، فلا سؤال، ولا إلحاح، وهذا هو المعنى الموافق لتفسيره -صلى الله عليه وسلم- المسكين بالمتعفّف،
(١) يصف حوافر الفرس، والوجى: أن تشتكي الحوافر من الحفا، والرأل: فرخ النعامة. (٢) "الوصب": المرض، والشرسوف: واحد الشراسيف، وهي الأضلاع، والصَّفَرُ: الحيّة. (٣) راجع: "الدر المصون في علوم الكتاب المكنون" ٢/ ٦٢٢ - ٦٢٧.