للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الجامع عفا الله عنه: سيأتي تمام البحث في هذه المسألة في المسألة الخامسة -إن شاء الله تعالى-.

(وَالْيَدُ الْعُلْيَا) تقدّم في الحديث الماضي أن الصحيح في تفسيرها أنها المنفقة (خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى) تقدّم أيضًا أن الأصحّ أنها السائلة (وَابْدَأْ) في العطاء (بِمَنْ تَعُولُ") أي بمن تجب عليك نفقته، يقال: عال الرجلُ أهلَه عَوْلًا، من باب قال: إذا مانَهُم؛ أي قام بما يحتاجون إليه، من قوت، وكسوة، وفيه تقديم نفقة نفسه وعياله؛ لأنها منحصرة فيه، بخلاف نفقة غيرهم.

وقد جاء تفسير من يعولهم فيما أخرجه النسائيّ من حديث طارق بن عبد الله المحاربيّ -رضي الله عنه- بإسناد حسن، عنه قال: قَدِمنا المدينة، فإذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم على المنبر، يخطب الناس، وهو يقول: "يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول، أمَّك، وأباك (١)، وأختك، وأخاك، ثم أدناك أدناك". هكذا أورده النسائيّ مختصرًا.

وقد أخرجه الدارقطنيّ في "سننه" (٣/ ٤٤ - ٤٥) مطوّلًا، فقال:

حدّثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل، نا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطّان، نا ابن نُمير، عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد، نا أبو صخرة، جامع بن شدّاد، عن طارق بن عبد الله المحاربيّ، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرّتين، مرّة بسوق ذي المجاز، وأنا في تباعة لي هكذا، قال: أبيعها، فمرّ، وعليه حلّة حمراء، وهو ينادي بأعلى صوته: "يا أيها الناس قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا"، ورجلٌ يتبعه بالحجارة، وقد أدمى كعبيه، وعرقوبيه، وهو


(١) هكذا الرواية "أباك"، فيَحْتَمِل أن يكون منصوبًا بفعل محذوف؛ أي أعني أمّك إلخ، أو منصوبًا على نزع الخافض؛ أي بأمّك إلخٍ، وَيحْتَمِل أن يكون مجرورًا بدلًا من قوله "من تعول"، ويحتمل أن يكون مرفوعًا بتقدير: وهم أمّك إلخ، فعلى الوجهين الأخيرين يكون قوله "وَأَبَاكَ" -ومثله "أخاك"- مقصورًا معربًا على الألف، على حدّ قول الشاعر:
إِنَّ أَبَاهَا وَأَبَا أَبَاهَا … قَدْ بَلَغَا فِي الْمَجْدِ غَايَتَاهَا
وهي لغة مشهورة، كما قال ابن مالك في "الخلاصة":
… ... … ... … ... … وَقَصْرُهَا مِنْ نَقْصِهِنَّ أَشْهَرُ