إزار ورداء، أو في إزار وقميص، أو في إزار وقباء، فحذف حرف العطف مرّتين؛ لصحّة المعنى بحذفه.
ونظير هذا الحديث في تضمّن الفائدتين قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "تصدّق امرؤٌ من ديناره، من درهمه، من صاع برّه، من صاع تمره". انتهى كلام ابن مالك -رحمه الله- (١).
قال الجامع عفا الله عنه: أنكر ابن القيّم -رحمه الله- كتابه "بدائع الفوائد" كون الكلام المذكور ونحوه مما حُذف منه حرف العطف (٢)، وعندي أن ما ذهب إليه ابن مالك -رحمه الله- هو الأظهر والأقرب، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
وقال الطيبيّ -رحمه الله-: قوله: "رجلٌ" نكرة وُضعت موضع الجمع المعرّف، فأفاد الاستغراق في أفراده، وإن لم يكن في سياق النفي، كقوله تعالى:{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ}[لقمان: ٢٧]، فإن {شَجَرَةٍ} وقعت موقع الأشجار، فأفادت الاستغراق، ومن ثَمَّ كَرّر "من" في الحديث مرارًا، ولم يعطف. انتهى (٣).
وقوله:(مِنْ دِرْهَمِهِ) معطوفٌ بحرف عطف مقدّر، كما بيّنه ابن مالك -رحمه الله- في كلامه المذكور آنفًا، وكذا ما بعده.
وقال الطيبيّ -رحمه الله-: قوله: "من درهمه""من" يَحْتَمل أن تكون تبعيضيّة منصوبة المحلّ، و"ديناره"، و"درهمه" جنس؛ أي: ليتصدّق ببعض ما عنده من هذا الجنس، ويَحْتَمِل أن تكون ابتدائيّةً متعلّقة بالفعل، فالإضافة في "ديناره"، و"درهمه" بمعنى اللام؛ أي: ليتصدّق بما هو مختصّ به، وهو مفتقر إليه، على نحو قوله تعالى:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} الآية [الحشر: ٩]. انتهى (٤).
(مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ، حَتَّى قَالَ) النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ") أي: ليتصدّق، ولو كانت صدقته قليلةً، كشِقّ تمرة؛ أي: نصفها.