الآتية من طريق عبد الرحمن بن هلال العبسيّ، عن جرير بن عبد الله قال:"جاء ناسٌ من الأعراب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، عليهم الصوف … ".
(حُفَاةٌ) بالضمّ صفة لـ "قومٌ"، وهو: جمع حَافٍ، اسم فاعل، من حَفِي الرجلُ يَحْفَى، من باب تَعِبَ حَفَاءً، مثل سَلَامٍ: إذا مَشَى بغير نَعْلٍ، ولا خُفٍّ.
(عُرَاةٌ) بالضمّ، صفة لـ "قوم" بعد صفة، وهو: جمع عَارٍ، والمراد أنهم لم يلبسوا الثيابَ المعتادَ لبسُهَا، وإنما أوّلناه بهذا؛ لأن في رواية عبد الرحمن بن هلال الآتية: أنّ عليهم الصوفَ، فهم لابسو الصوفِ، ولقوله أيضًا:(مُجْتَابِي النِّمَارِ) اسم فاعل من اجتابَ الشيءَ: إذا خَرَقه، ومنه قوله تعالى:{الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ}[الفجر: ٩]. أي: خَرَقوا النِّمَار، وقَوَّرُوا وسطها، و"النمار" -بكسر النون -جمع نَمِرَة- بفتح النون: وهي ثياب من صوف، فيها تنمير.
وقال الطيبيّ -رحمه الله-: قوله: "مجتابي النمار" هو بالجيم، وبعد الألف باء موحّدة، و"النمار": جمع نَمِرة، وهي كساء من صوف مُخطّط، ومعنى مُجتابيها: لابسوها، وقد خرقوها في رؤوسهم. انتهى (١).
وقوله:(أَوِ الْعَبَاءِ)"أو" للشكّ من الراوي، و"العباء" بفتح العين، والمدّ، جمع عَبَاءة، وعَبَاية، لغتان، وهي أكسيةٌ غِلَاظٌ مُخَطَّطة (٢).
(مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ) بالإضافة: أي: معلّقي السيوف على أعناقهم، ووقع في نسخة من النسائيّ:"متقلّدين السيوف"، بلا إضافة، وعليه فـ "السيوف" منصوبٌ على المفعوليّة (عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ) أي: غالبهم من قبيلة مضر -وهو بضمّ الميم، وفتح الضاد المعجمة، آخره راء- ابن نزار، وهو الشعب المعروف الذي تُنسب إليه قريش وغيرها، وهو وربيعة بن نِزَار صريح ولد إسماعيل بن إبراهيم -عليهما الصلاة والسلام- لا خلاف في ذلك، قاله في "اللباب"(٣).
وقوله:(بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ) هذا إضرابٌ إلى التحقيق، فقوله:"عامّتهم"
(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٦٦٩. (٢) راجع: "شرح النوويّ على صحيح مسلم" ٧/ ١٠٤، و"المفهم" للقرطبيّ ٣/ ٦٢. (٣) "اللباب في تهذيب الأنساب" ٢/ ٣٣٨.