النبيّ -صلى الله عليه وسلم- واقفًا بعرفة يدعو هكذا، ورفع يديه حيال ثُنْدويه (١)، وجعل بطون كفيه مما يلي الأرض، وهكذا وصف حماد بن سلمة رفع النبيّ -رضي الله عنهم- يديه بعرفة، وروي عن ابن سيرين أن هذا هو الاستجارة، وقال الحميديّ: هذا هو الابتهال.
[والرابع]: الإلحاح على الله -عز وجل- بتكرير ذكر ربوبيته، وهو من أعظم ما يُطلب به إجابة الدعاء، وخرّج البزار من حديث عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنهما- مرفوعًا:"إذا قال العبد يا رب أربعًا، قال الله: لبيك عبدي سل تعطه"(٢).
وخرّج الطبرانيّ وغيره من حديث سعد بن خارجة: أن قومًا شكوا إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قُحُوط المطر، فقال:"اجثُوا على الرُّكَب، وقولوا: يا رب يا رب، وارفعوا السبابة إلى السماء"، فسُقُوا حتى أحبوا أن يُكْشَف عنهم (٣).
وفي "المسند" وغيره عن الفضل بن عباس -رضي الله عنهما-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال:"الصلاة مثنى مثنى، وتَشَهَّدُ في كل ركعتين، وتَضَرَّع، وتَخشع، وتمسكن، وتُقْنِع يديك -يقول: ترفعهما- إلى ربك، مستقبلًا بهما وجهك، وتقول: يا رب يا رب، فمن لم يفعل ذلك فهي خداج"(٤).
وقال يزيد الرَّقَاشيّ، عن أنس، مرفوعًا:"ما من عبد يقول: يا رب يا رب يا رب، إلا قال له ربه: لبيك لبيك".
ورُوي عن أبي الدرداء، وابن عباس -رضي الله عنهما- كانا يقولان: اسم الله الأكبر: رب رب.
وعن عطاء قال: ما قال عبد: يا رب يا رب ثلاث مرات، إلا نظر الله إليه، فذُكر ذلك للحسن، فقال: أما تقرءون القرآن، ثم تلا قوله تعالى: {الَّذِينَ
(١) "الثَنْدُوَةُ" بضمّ أوله، ويُفتح: لحم الثَّدْي، أوأصله، أفاده في "القاموس"١/ ٢٨٠. (٢) رواه البزّار برقم (٣١٤٥). قال الهيثميّ في "مجمع الزوائد" ١٠/ ١٥: فيه الحكم بن سعيد الأمويّ، ضعيفٌ. (٣) في سنده عامر بن خارجة، قال البخاريّ: في إسناده نظرٌ، وقال أبو حاتم: إسناده منكر. (٤) رواه أحمد، والترمذيّ، وفي سنده عبد الله بن نافع بن العمياء، مجهول.