(فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ) قال صاحب التنبيه: لا أعرف اسمه (١). (إِن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" كَمْ مِنْ عِذْقٍ) بكسر العين المهملة: هو الغصن من النخلة، وأما العَذْق بفتحها، فهو النخلة بكمالها، وليس مرادًا هنا، قاله النوويّ.
وقيل: الظاهر أن المراد هنا النخلة، أو الحائط؛ لقوله تعالى:{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}[الأنعام: ١٦٠] وقوله: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ}[البقرة: ٢٦١] واقتصار النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على الواحدة لبيان أنها تكفي في الرغبة في الخير، والله تعالى أعلم.
وقال القاضي عياض رحمه الله في "المشارق": قيل: إنما يقال للنخلة: عَذْق إذا كانت بحملها، وللعرجون عذق إذا كان تامًّا بشماريخه وتمره (٢).
و"الشماريخ": جمع شِمراخ وهو ما يكون عليه الرطب (٣).
(مُعَلَّقٍ، أَوْ) للشكّ من الراوي (مُدَلًّى) هو بمعنى مُعَلَّق (فِي الْجَنَّةِ لِابْنِ الدَّحْدَاحِ، أَوْ) للشكّ من الراوي (قَالَ شُعْبَةُ: "لِأَبِي الدَّحْدَاحِ") تقدّم أنه يقال له: ابن الدحداح، وأبو الدحداح أيضًا.
[تنبيه]: ذكر القاضي عياض، والنوويّ، والقرطبيّ تبعًا لابن عبد البرّ سببًا لقصّة أبي الدحداح هذه، فقال الحافظ ابن عبد البرّ رحمه الله في "الاستيعاب": ورَوَى عُقَيل، عن ابن شهاب، أن يتيمًا خاصم أبا لبابة في نخلة، فقضى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي لبابة، فبكى الغلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي لبابة: "أعطه نخلتك"، فقال: لا، فقال: "أعطه إياها، ولك بها عِذقٌ في الجنة"، فقال: لا، فسمع بذلك أبو الدحداح، فقال لأبي لبابة: أتبيع عذقك ذلك بحديقتي هذه؟ قال: نعم، فجاء أبو الدحداحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله النخلة التي سألت لليتيم إن أعطيته إياها ألي بها عذق في الجنة؟ قال: "نعم"، ثم قُتِل أبو الدحداحة شهيدًا يوم أحد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رُبّ عذق مُذلَّل لأبي الدحداحة في الجنة"، ولما نزلت:{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}[الحديد: ١١] كان أبو الدحداح نازلًا في حائط له هو وأهله، فجاء إلى امرأته،