يجهر، وأما الدعاء، فيسرّ به بلا خلاف، وحينئذ يتأول هذا الحديث على أن قوله: (حفظت من دعائه "؛ أي: علّمنيه بعد الصلاة، فحفظته. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا التأويل فيه نظر لا يخفى؛ إذ هو مخالف لظاهر الحديث.
قال العلامة الشوكانيّ رحمه الله بعد ذكر اختلاف ألفاظ هذا الحديث ما نضه: جميع ذلك يدلّ على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جهر بالدعاء، وهو خلاف ما صرّح به جماعة من استحباب الإسرار بالدعاء، وقد قيل: إن جهره - صلى الله عليه وسلم - الدعاء لقصد تعليمهم.
وأخرج أحمد عن جابر - رضي الله عنه - قال: ما أباح لنا في دعاء الجنازة رسول الله ل - صلى الله عليه وسلم -، ولا أبو بكر، ولا عمر (٢)، وفسّر "ما أباح " بمعنى قَدّر، قال الحافظ: والذي وقفت عليه باح بمعنى جهر (٣).
قال الشوكانيّ: والظاهر أن الجهر والإسرار بالدعاء جائزان. انتهى (٤).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله الشوكانيّ رحمه الله حسنٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.
٥ - (ومنها): مشروعيّة الطهارة بماء الثلج، والبرد، وقد تقدّم البحث عنه مستوفًى في "الطهارة"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
(قَالَ: وَحَدَّثَني عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ جُبَيْرٍ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - هَذَا الْحَدِيثِ أَيضًا).
قمال الجامع عفا الله عنه: هذا الإسناد فرع عن الإسناد الماضي، فهو موصول به، وليس معلّقًا، ففاعل "قال" ضمير معاوية بن صالح الراوي عن
(١) "شرح مسلم" ٧/ ٣٤. (٢) وأخرجه ابن ماجه أيضًا، وفي إسنادهما حجاج بن أرطاة، كثير الخطأ، والتدليس. (٣) "التلخيص الحبير"٢/ ٢٨٩. (٤) "نيل الأوطار" ٤/ ٧٩.