للمصيبات بتوقّع ما هو أعظم منها، وهو الثواب المرتّب عليها، وتذكير المرجع والمال الذي حكم به ذو العزّة والجلال. انتهى (١).
وقوله:(اللَّهُمَّ) من جُملة ما أمر الله تعالى به (اجُرْنِي) بوصل الهمزة، وضم الجيم، وفي نسخة:"آجرني" بالمدّ، وكسر الجيم، وقال القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: "اجُرني" بالقصر والمدّ، حكاهما صاحب "الأفعال"(٢)، وقال الأصمعيّ، وأكثر أهل اللغة: هو مقصور لا يُمَدّ، ومعنى أَجَرَهُ اللهُ: أعطاه أجره وجزاء صبره، وهَمِّه في مصيبته. انتهى (٣).
وقال ابن الأثير - رَحِمَهُ اللهُ -: آجَرهُ يُؤجِره: إذا أثابه، وأعطاه الأجر والثواب، وكذلك أَجَرَه يَأْجِرُه، والأمر منهما آجِرْني، وَأْجُرني. انتهى (٤).
وقال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: أَجَرَهُ اللهُ أَجْرًا، من باب قتل، ومن باب ضرب لغة بني كعب، وآجره بالمدّ لغة ثالثة: إذا أثابه. انتهى (٥).
وقوله:(فِي مُصِيبَتِي) متعلّق بـ "أجرني"، قال القاري - رَحِمَهُ اللهُ -: والظاهر أن "في" بمعنى الباء سببيّة.
(وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا) أي: اجعل لي خَلَفًا مما فات عني في هذه المصيبة خيرًا من الفائت فيها، ففي الكلام تجوّز وتقدير (٦).
قال النووي - رَحِمَهُ اللهُ -: هو بقطع الهمزة، وكسر اللام، قال أهل اللغة: يقال لمن ذهب له مالٌ، أو ولدٌ، أو قريبٌ، أو شيءٌ يُتَوَقَّع حصولُ مثله: أخلف الله عليك؛ أي: رَدّ عليك مثله، فإن ذهب ما لا يُتَوقَّع مثله بأن ذهب والدٌ، أو عمّ، أوأخٌ لمن لا جَدَّ له، ولا والد له، قيل: خَلَفَ الله عليك، بغير ألف؛ أي: كان الله خليفةً منه عليك. انتهى (٧).
(١) "المفهم" ٢/ ٥٧٠. (٢) هو: عليّ بن جعفر السعديّ المعروف بابن القطاع، توفي سنة (٥١٥ هـ). (٣) "شرح النوويّ" ٦/ ٢٢٠. (٤) "النهاية في غريب الحديث والأثر" ١/ ٢٥. (٥) "المصباح المنير" ١/ ٥. (٦) "المرعاة" ٥/ ٣١٠. (٧) "شرح مسلم" ٦/ ٢٢٠.