البخاريّ "أمطرت" بالألف، وهو صحيحٌ، وهو دليل للمذهب المختار الذي عليه الأكثرون، والمحققون من أهل اللغة، أنه يقال: مَطَرَت، وأمطرت لغتان في المطر، وقال بعض أهل اللغة: لا يقال: أمطرت بالألف إلا في العذاب، كقوله تعالى:{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً}[الحجر: ٧٤]، والمشهور الأول، ولفظة أمطرت تُطلَق في الخير والشر، وتُعْرَف بالقرينة، قال الله تعالى:{قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}[الأحقاف: ٢٤]، وهذا من أمطر، والمراد به المطر في الخير؛ لأنهم ظنوه خيراً، فقال الله تعالى:{بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ}[الأحقاف: ٢٤]. انتهى.
وقال في "العمدة": يقال: مَطَرت السماءُ تَمْطُر، ومَطَرتهم تَمْطُرهم مَطَراً - أي: من باب طَلَب - وأمطرتهم: أصابتهم بالمطر، وأمطرهم الله بالعذاب خاصّةً، ذكره ابن سِيده، وقال الفراء: قَطَرت السماءُ، وأقطرت، مثلُ مَطَرت السماء، وأمطرت، وفي "الجامع": مَطَرت السماء تَمْطُر مَطْراً، فالْمَطْرُ بالسكون المصدر، وبالحركة الاسم، وفي "الصحاح": مَطَرت السماء، وأمطرها الله، وناس يقولون: مطرت السماء، وأمطرت بمعنى. انتهى (١).
وقال في "المصباح": مَطَرَت السماء تَمْطُرُ مَطَراً، من باب طَلَبَ، فهي ماطرةٌ في الرحمة، وأمطرت بالألف أيضاً لغةٌ، قال الأزهريّ: يقال: نَبَتَ البقلُ، وأنبت، كما يقال: مَطَرت السماءُ، وأمطرت، وأمطرت بالألف لا غيرُ في العذاب. انتهى (٢).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق أن الصحيح جواز مَطَرت، وأمطرت ثلاثيًّا ورباعيًّا في الرحمة، وأما في العذاب فالأفصح أمطرت بالألف، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
(قَالَ: فَلَا وَاللهِ) تقدّم أنه بتقدير "فلا رأينا"، وقوله:(مَا) نافية مؤكّدة و"لا"(رَأَيْنَا الشَّمْسَ سَبْتاً) بسين مهملة، ثم باء موحّدة، ثم مثناه فوقيّة؛ أي: قطعة من الزمان وأصل السّبْت: القطعُ، قاله النوويّ - رحمه الله -.
وقال في "الفتح": قوله: "ما رأينا الشمس سبتاً" كناية عن استمرار الغيم