لمّا بعثَه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عام ذات السلاسل قال: احتَلمْتُ في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقْتُ إنّ اغتسلْتُ أن أهلِكَ، فتيمَّمْتُ ثم صلَّيْتُ صلاة الصبح، فلمّا قَدِمْنا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكرْتُ ذلك له، فقال:"يا عمرو، صلَّيْتَ بأصحابكَ وأنت جُنُب؟ " قال: قلت: نعم يا رسول اللَّه، احتلَمْت في ليلة باردةٍ شديدة البرد، فأشفقْتُ إنّ اغتسلْتُ أن أهلِكَ، وذكَرْتُ قولَ اللَّه عزّ وجلّ:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}[النساء: ٢٩] فتيمَّمْتُ ثم صلَّيْتُ. فضحك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يَقل شيئًا (١).
(٥٩٠٠) الحديث العاشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي عن موسى عن أبيه عن عمرو بن العاص قال:
كان فزَعٌ بالمدينة، فأتيتُ على سالم مولى أبي حذيفة وهو مُحْتَبٍ بحمائل سيفه، فأخذْتُ سيفًا فاحتميْتُ بحمائله، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا كانَ مَفْزَعُكم إلى اللَّه وإلى رسوله؟ ". ثم قال:"ألا فَعَلْتُم كما فعلَ هذان الرجلان المؤمنان؟ "(٢).
(٥٩٠١) الحديث الحادي عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن غَيلان قال: حدّثنا رِشدين قال: حدّثني موسى بن عُليّ عن أبيه عن عمرو بن العاص قال:
قال رجل لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أيُّ العمل أفضل؟ قال:"إيمانٌ باللَّه وتصديق، وجهادٌ في سبيل اللَّه، وحَجٌّ مبرورٌ" قال الرجل: أكثَرْتَ يا رسول اللَّه. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَلِينُ الكلام، وبَذْلُ الطَّعام، وسَماحٌ، وحُسْنُ خُلُق" فقال الرجل: أُريدُ كلمةً واحدة. قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اذهب، فلا تَتَّهِمِ اللَّهَ عزّ وجلّ على نفسك"(٣).
(١) المسند ٤/ ٢٠٣. وفي إسناده ابن لهيعة. ولكن متابع. فمن طرق عن يزيد بن أبي حبيب أخرجه أبو داود ١/ ٩٢ (٣٣٤)، وصحّحه الحاكم ١/ ١٧٧، ووافقه الذهبي. وصحّحه الألباني. وقد أخرج الإمام البخاري تعليقًا: ويُذكر أن عمرو بن العاص أجنب في ليلة باردة فتيمّم، وتلا {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} فذكر للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلم يُعنّف. وذكر ابن حجر من وصله، وقوّى إسناده - الفتح ١/ ٤٥٤. (٢) المسند ٤/ ٢٠٣. وإسناده صحيح. وقد صحّح الحديث ابن حبّان من طريق موسى بن عُليّ ١٥/ ٥٦٧ (٧٠٩٢). (٣) المسند ٤/ ٢٠٤. وإسناده ضعيف لضعف رشدين بن سعد. وجعله ابن كثير في الجامع ٩/ ٦١٧ (٧٣٥٤) ممّا تفرّد به الإمام أحمد. وينظر الدرّ المنثور ٥/ ٢٣.