قوله عز وجل:{صِرَاطَ الَّذِينَ} بدل من {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}. وهو بدل الشيء من الشيء، وهو هو، وكلاهما معرفة، وهو في حكم تكرير العامل، كأنه قيل: اهدنا الصراط المستقيم، اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم، كما قال:{لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ}(٣). وفائدة البدل: التوكيد، لما فيه من البيان والإيضاح.
و{الَّذِينَ}: اسم مبهم مبني ناقص يحتاج إلى صلة وعائد، وصلته {أَنْعَمْتَ} وعائده الهاء والميم، ويوصل بأربعة أشياء: بالفعل والفاعل، وبالمبتدأ والخبر، وبالشرط والجزاء، وبالظرف.
ويأتي الكلام على الصلة والموصول عند قوله عز وجل:{بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} بأشبع من هذا إن شاء الله (٤) وعلة بنائه أنه لم يستقل بنفسه، واحتاج
(١) يعني بالقراءات الأربعة: بالصاد، والسين، والزاي، وحرف بين الصاد والزاي وهو الإشمام، وقد قرأ بهن القراء المعتبرون، انظر كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد ١٠٥ - ١٠٦. والحجة ١/ ٤٩. والمبسوط ٨٦ - ٨٧. والكشف ١/ ٣٤ - ٣٥. (٢) انظر في تذكير وتأنيث هذه الألفاظ الثلاثة: المذكر والمؤنث لابن الأنباري ٤٥٧ - ٤٦١. والمخصص ١٧/ ١٧. وقالا: ولا نعلم أحدًا من العلماء باللغة أنث (الصراط) إلا ما روي عن يحيى بن يعمر، وهو حجة إن صحت الرواية عنه. قلت: ذكره الأخفش في معانيه ١/ ٨ ونقله عنه النحاس في إعرابه ١/ ١٢٣، قال الأخفش: وأهل الحجاز يؤنثون الصراط كما يؤنثون الطريق والسبيل والسوق والزقاق والكلّاء، وبنو تميم يُذكّرون هذا كله. (٣) سورة الأعراف، الآية: ٧٥. (٤) انظر إعرابه للآية (٤) من البقرة.