أزواج في دار الكفر، فإنهن حلال لكم وإن كن ذوات أزواج، وفي معناه قول الفرزدق:
١٥٣ - وذات حليلٍ أَنْكَحَتْها رِماحُنا ... حَلالٌ لمن يَبْنِي بها لم تُطَلَّقِ (١)
وقوله:{كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} منصوب على المصدر محمول على المعنى؛ لأن قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} فيه معنى كتب الله ذلك عليكم كتابًا، ثم أضمر الفعل لدلالة ذلك عليه، وأضيف المصدر إلى الفاعل فهو مصدر مؤكَدٌ.
وقد جوز أن يكون منصوبًا بإضمار فعل ويكون {عَلَيْكُمْ} تفسيرًا له، أي: الزموا كتاب الله، ولا يجوز أن يكون منصوبًا بعليكم عند أصحابنا البصريين؛ لأنه فَرْعٌ على الفعل فلا يَتَصَرَّفُ تصرفه (٢).
و{عَلَيْكُمْ} على الأول متعلق بالفعل الناصب للمصدر لا بالمصدر؛ لأن المصدر هنا فضلة، وإنما ذكر للتأكيد، وقيل: هو متعلق بنفس المصدر لكونه نائبًا عن فعله حيث لم يذكر معه، كما تقول: ضَرْبًا زيدًا، أي: اضربه (٣).
وقوله:(وأَحَلَّ لكم) قرئ: بفتح الهمزة على البناء للفاعل عطفًا على الفعل المضمر الذي نصب {كِتَابَ اللَّهِ}، والتقدير: كَتَبَ اللَّهُ عليكم تحريمَ ذلك وأَحَلَّ لكم ما وراء ذلك، تعضده قراءة من قرأ:(كَتَبَ اللَّهُ عليكم) بفتح الكاف والباء من غير ألف قبلها ورَفْعِ اسم الله تعالى وهو محمد
(١) كذا أيضًا هذا البيت للفرزدق في الكشاف ١/ ٢٦١. وانظره في الديوان ٢/ ٨٩. (٢) انظر هذا الإعراب أيضًا في كتاب سيبويه ١/ ٣٨١ - ٣٨٢، ومعاني الزجاج ٢/ ٣٦، وإعراب النحاس ١/ ٤٠٦، ومشكل مكي ١/ ١٨٦، والتبيان ١/ ٣٤٦، وانظر المسألة مفصلة في الإنصاف ١/ ٢٢٨ - ٢٣٥. (٣) انظر التبيان ١/ ٣٤٦ أيضًا.