قوله عز وجل:{أَمْ حَسِبْتُمْ}(أم) هنا منقطعة بمعنى بل، والهمزة فيها للإنكار. {أَنْ تَدْخُلُوا}: أن وما اتصل بها سدت مسد المفعولين عند صاحب الكتاب، وعند أبي الحسن: المفعول الثاني محذوف، وقد ذكر فيما سلف من الكتاب (٣).
{وَلَمَّا} و (لم) سِيَّانِ في العمل، إلَّا أن (لَمَّا) جواب لمن قال: قد فعل. و (لم): جواب لمن قال: فعل بغير قد، و (ما فعل) جواب لمن قال: لقد فعل، فاعرفه فإنه من قول المحققين من أصحابنا (٤).
والجمهور على كسر الميم في {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ} لالتقاء الساكنين، وقرئ:(ولما يعلمَ الله) بفتح الميم (٥) على إرادة النون الخفيفة، أي: ولما يعلمَنْ، ثم حذفت النون.
وقوله:{وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} نصب بإضمار أن، والواو بمعنى الجمع كالتي في قولك: لا تأكل السمكَ وتشربَ اللبنَ.
قال أبو إسحاق رحمه الله: ولما يقع العلم بالجهاد والعلم بصبر الصابرين، أي: ولما يعلم الله ذلك واقعًا منهم؛ لأنه يعلمه غيبًا، وإنما
(١) معجم العين ٣/ ١٢٧. (٢) انظر الكامل ١/ ٢٧٧، وزاد المسير ١/ ٤٦٧. (٣) عند إعراب الآية (٢١٤) من البقرة، وقد خرجت القولين هناك. (٤) انظر الكتاب ٤/ ٢٢٠ - ٢٢٣، والزجاج ١/ ٤٧٢ - ٤٧٣، والنحاس ١/ ٣٦٧. (٥) نسبها ابن عطية ٣/ ٢٤٤ إلى يحيى بن وثاب، وإبراهيم النخعي. وانظر البحر ٣/ ٦٦.