قوله عز وجل:{مِنْهُ آيَاتٌ} في موضع النصب على الحال من {الْكِتَابِ}، أي: أنزله عليك ثابتًا منه آياتٌ، فارتفاع قوله:{آيَاتٌ} بالظرف الذي هو {مِنْهُ} لكونه نائبًا عن اسم الفاعل الذي هو ثابت أو مستقر، فمنه هو الحال في الحقيقة، والضمير في {مِنْهُ} للكتاب (٢).
و{مُحْكَمَاتٌ}: صفة لآيات. وكذا قوله:{هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} صفة لآيات، أي: هن أصل الكتاب. و {هُنَّ} ضمير الآيات، أخبر سبحانه عن الآيات أنها من الكتاب، ثم أخبر أنهن أصل الكتاب، لأن أُمَّ الشيء أصله.
فإن قلت: لم وَحَّد - جل ذكره - الخبر وهو {أُمُّ} مع كون المُخْبَرِ عنه جمعًا وهو {هُنَّ}؟ قلت: لأن المراد: أن كل واحدة منهن أُمٌّ، كقولهم: أتينا الأمير فكسانا حُلَّة، وقوله:{فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}(٣). وقيل: لأن الآيات في تكاملها واجتماعها كالآية الواحدة، وكلام الله واحد، فأفرد لذلك (٤).
(١) حكى السمين ٣/ ٢٤ هذا الوجه من الإعراب عن غير أبي البقاء، فالله أعلم إن كان يريد المؤلف. (٢) انظر هذا الإعراب في البيان ١/ ١٩١. كما يجوز أن تكون (آيات) مبتدأ، و (منه) الخبر. (٣) سورة النور، الآية: ٤. ويريد أن معناه: فاجلدوا كل واحد منهم. (٤) انظر هذا القول في تفسير الرازي ٧/ ١٥٠، وتبيان العكبري ١/ ٢٣٨.