والأصل ما ذكر، ونظيره قوله عز وجل:{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا}(١) وهم لم يلتقطوه لذلك، ولكن لما كان مآل الأمر إليه جاز أن يسمى علة، فاعرفه وآنسني به.
وعند آخرين متصلة بقوله:{فَلْيَعْبُدُوا}(٢)، والفاء صلة كالتي في قولك: زيدًا فاضرب. أمرهم جل ذكره أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلتين، أي: ليعبدوه لهذه النعمة التي أنعم بها عليهم.
وعند غيرهما متصلة بمضمر، والتقدير: أَعجبوا لإيلافهم الرحلتين وتركهم عبادة رب هذا البيت (٣)؟
والإيلاف مصدر آلف يؤلف إيلافًا، واختلف فيه: فقال قوم: آلفت الشيء أولفه إيلافًا بمعنى ألفته، فأنا مؤلف، قال:
فإذا فهم هذا، فقوله عز وجل:{لإِيلَافِ قُرَيْشٍ} المصدر على الوجه الأول مضاف إلى الفاعل، والمعنى: لتألف قريش رحلتيها، فاعرفه فإنه موضع، وما أظنك تجده في كتاب (٥).
(١) سورة القصص، الآية: ٨. (٢) هذا قول الخليل، وسيبويه. انظر الكتاب ٣/ ١٢٧. وإعراب النحاس ٣/ ٧٧٢ - ٧٧٣ وفيه تحريف. والحجة ٦/ ٤٤٨. (٣) انظر هذا القول في معاني الفراء ٣/ ٢٩٣. ومعاني الزجاج ٥/ ٣٦٥. وجامع البيان ٣٠/ ٣٠٦. وإعراب النحاس ٣/ ٧٧٢. وإعراب القراءات السبع ٢/ ٥٣٣ - ٥٣٤. (٤) جزء من بيت لذي الرمة، وتمامه: مِن المُؤْلِفَاتِ الرملِ أدماءُ حرَّةٌ ... شُعاعُ الضحى في جيدها يتوضحُ وانظره في الكامل ٢/ ٨٧٢. والحجة ٦/ ٤٤٥. والمحرر الوجيز ١٦/ ٣٦٨. واللسان (ألف). (٥) سقط الوجهان الأخيران المتعلقان بلام {لإِيلَافِ قُرَيْشٍ} من (ط) و (ب) و (ج) ويبدو أن نقصًا آخر هنا موجود، والله أعلم.