وقوله:{ثُمَّ كَانَ} عطف على (فَكَّ رقبةٍ) عند من فتح الكاف، ومن ضمها كان عطفًا على قوله:{فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}. و {ثُمَّ} هنا بمعنى الواو عند قوم، لأن (ثم) يوجب أن الثاني بعد الأول، والإيمان هو السابق المقدم على غيره، ولا يثبت عمل صالح إلا به. وعلى بابه عند آخرين، وفيه وجهان:
أحدهما: جيء به لتراخي الأخبار، والتقدير: ثم أخبركم أنه كان من الذين آمنوا، فيكون لترتيب الأخبار لا لترتيب المخبر عنه، كقوله:{خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}(١)، فأخبر جل ذكره أولًا بخلقه من تراب، ثم أخبر ثانيًا بقوله:{كُنْ فَيَكُونُ} فالترتيب في الخبر لا في الفعل، وله نظائر في التنزيل، وقد ذكر في مواطنه.
والثاني: لتراخي الفعل. و {آمَنُوا} بمعنى: داوموا على الإيمان، فاعرفه فإنه موضع (٢).
(١) سورة آل عمران، الآية: ٥٩. (٢) انظر الكشاف ٤/ ٢١٤. والبيان ٢/ ٥١٥. والتبيان ٢/ ١٢٨٩. (٣) كلاهما من المتواتر، وقال ابن مهران: روي عن يعقوب الهمز وغير الهمز، وقرأت بالوجهين، والصحيح عندي عنه ترك الهمز. انظر القراءتين في السبعة / ٦٨٦/. والحجة ٦/ ٤١٦. والمبسوط ٤٧٣ - ٤٧٤. والتذكرة ٢/ ٦٢٨. (٤) كلمة من بيت لجرير، وتمامه: لحبّ المؤقدان إلى موسى ... وجَعْدَةً إذ أضاءهما الوقود وانظره في الحجة ١/ ٢٣٩. و ٦/ ٤١٧. والخصائص ٢/ ١٧٥. والمحتسب ١/ ٤٧. =