وقرئ:(أَلَا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام (١) على أنها التي للتنبيه، و {مَنْ} على هذه القراءة شرطية، والجواب:{فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ}، كما تقول: من قام فيكرمه زيد، والمبتدأ بعد الفاء مضمر، أي: فهو يكرمه، وكذا هنا، أي: فهو يعذبه الله، لا بد من هذا التقدير، لأنه لو أريد الجواب بالفعل الذي بعد الفاء لقيل: يكرمْه يعذبْه الله بالجزم، وقد مضى الكلام على نحو هذا فيما سلف من الكتاب بأشبع من هذا.
و{مَنْ} في موضع رفع بالابتداء، وخبره الشرط أو الجواب، وقد ذكر أيضًا نظيره فيما سلف من الكتاب في غير موضع (٢).
قوله عز وجل:{إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ} الجمهور على تخفيف ياء {إِيَابَهُمْ}، وهو فِعال من آبَ يؤوب أَوْبًا وأَوْبَةً وإيابًا، إذا رجع، كصام يصوم صَومًا وصِيامًا، قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها واعتلالها في الفعل.
وقرئ:(إيَّابَهُم) بتشديدها (٣)، وقد جوز أن يكون فِيعالًا مصدر أوَّبْتُ فَوْعَلْتُ من آب، بمنزلة حَوْقَلْتُ، وأتى المصدر على الفِيعال كالحِيقال، أنشد الأصمعي:
٦٢٧ - يا قَوْمِ قَدْ حَوْقَلْتُ أو دَنَوْتُ ... وبعض حِيقَالِ الرِّجَالِ المَوْتُ (٤)
(١) قرأها ابن عباس، وعمرو بن العاص، وأنس بن مالك - رضي الله عنهم -، وقتادة، وزيد بن أسلم، وزيد بن علي، وسعيد بن جبير. انظر مختصر الشواذ/ ١٧٢/. والمحتسب ٢/ ٣٥٧. والمحرر الوجيز ١٦/ ٢٩١. وزاد المسير ٩/ ١٠٠. والقرطبي ٢٠/ ٣٧. (٢) انظر إعرابه للآية (١٦٠) من الأنعام. (٣) قراءة صحيحة لأبي جعفر وحده. انظر المبسوط/ ٤٦٩/. والنشر ٢/ ٤٠٠. والإتحاف ٢/ ٦٠٦. (٤) انظر هذا الرجز أيضًا في أمالي القالي ١/ ٢٠. والمحتسب ٢/ ٣٥٨. والصحاح (حقل). والمخصص ١/ ٤٤.