قوله عز وجل:{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}(ويل) مبتدأ، و {يَوْمَئِذٍ} يجوز أن يكون من صلته على أنه ظرف له، وأن يكون من صلة محذوف على أنه نعت له. {لِلْمُكَذِّبِينَ}: الخبر. قيل: وإنما جاز أن يكون مبتدأ وهو نكرة، لأنه في أصله مصدر منصوب سادّ مَسَدَّ فعله، ولكنه عدل به إلى الرفع للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه، ومثله:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ}(٢).
ويجوز في الكلام نصبه فيقال: ويلًا له، وأما في القرآن فلا، لأن القراءة سنة متبعة يأخذها الخلف عن السلف من غير اعتراض. وحكم ما بعده إلى آخر القرآن حكمه في الإعراب، فاعرفه (٣).
وقوله:{أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ} الجمهور على ضم النون من أهلكه، وهو الوجه بشهادة قوله:{وَكَمْ أَهْلَكْنَا}(٤)، {إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ}(٥)، وقرئ:(ألم نَهلك) بفتح النون (٦)، من هَلَكَه بمعنى أَهْلَكَهُ، لغية لبعض العرب، يقال: هلكني زيد، من باب سكب الماء وسكبته، ورجع فلان ورجعته.
والمراد بالأولين: الأمم الماضون من الكفرة، كقوم نوح وعاد وثمود،
(١) انظر القولين في إعراب النحاس ٣/ ٥٩٣. ومشكل مكي ٢/ ٤٤٧. (٢) سورة الزمر، الآية: ٧٣. (٣) انظر هذا القول في إعراب (ويل) في الكشاف ٤/ ١٧٣. (٤) سورة الإسراء، الآية: ١٧. (٥) سورة الملك، الآية: ٢٨. (٦) قرأها قتادة كما في مختصر الشواذ / ١٦٧/. والكشاف ٤/ ١٧٣. والبحر ٨/ ٤٠٥.