واحده مِشْج بكسر الميم، ومَشْج بفتحها، ومَشَج بفتح الميم والشين. ومشيج على فعيل، والأمشاج: الأخلاط، من مشجت الشيء، إذا خَلَطْتَه، والتقدير: من نطفة ذات أمشاج. وقيل: نطفةٌ أمشاجٌ، كقولهم: بُرْمَةٌ أعشارٌ، وثوبٌ أسمالٌ (١)، وهي ألفاظ مفردة غير جموع، ولذلك وقعت صفات للأفراد (٢)، والوجه هو الأول وعليه الجمهور.
وقوله:{نَبْتَلِيهِ} في موضع الحال، إما من الفاعل وهو الله جل ذكره، أي: خلقناه مبتلين له، بمعنى: مريدين ابتلاءه، وإما من المفعول وهو الإنسان، أي: مُبْتَلَيًا. وهي حال مقدرة في كلا الوجهين، كقوله:{خَالِدِينَ}(٣). وقوله:{آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ}(٤) وقد جوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: ونحن نبتليه، وأن يكون على تقدير اللام، أي: لنبتليه، فلما حذف اللام رفع بتسكين الياء.
وعن الفراء: هو على التقديم والتأخير، والتقدير عنده: فجعلناه سميعًا بصيرًا لنبتليه (٥)، وهو من التعسف لأجل الفاء، لأنها تدل على الترتيب.
قوله عز وجل:{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} الجمهور على كسر الهمزة في {إِمَّا} في الحرفين وهو الوجه، و {شَاكِرًا}{كَفُورًا} حالان من الضمير المنصوب في {هَدَيْنَاهُ}، أي: بَيَّنَّا له سبيل الهدى شاكرًا أو كفورًا، أي: في حاليه جميعًا، و {إِمَّا} يفيد معنى الجزاء وإن لم يكن
(١) برمة أعشار: إذا انكسرت قطعًا قطعًا. وثوب أسمال: الخَلَقُ. انظر الصحاح (عشر) و (سمل). (٢) قاله الزمخشري ٤/ ١٦٧. (٣) تقدمت في مواضع كثيرة. انظر سورة الفتح، آية (٥). (٤) سورة الفتح، الآية: ٢٧. (٥) معانيه ٣/ ٢١٤.