يكون منصوبًا بـ {أَنْزَلَ} على أنَّه مفعول به. وأما {رَسُولًا} على هذا فنصبه يحتمل أوجهًا: أن يكون منصوبًا بالذكر؛ لأنه مصدر والمصدر قد يعمل في المفاعيل كما يعمل الفعل، أي: أنزل الله إليكم أَنْ ذَكَرَ رَسُولًا، ويكون الذكر هو القرآن على هذا. وأن يكون بدلًا من {ذِكْرًا} على أنَّ يكون الرسول هو الذكر، وفي الكلام على هذا حذف مضاف، والتقدير: قد أنزل الله إليكم ذا ذكر، أو صاحب ذكر.
والرسول هو محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقيل: جبريل - عَلَيْهِ السَّلَام - (١) أبدل من ذكر؛ لأنه وصف بتلاوة آيات الله، فكان إنزاله في معنى إنزال الذكر، فصح إبداله منه، أو أريد بالذكر الشرف (٢)، من قوله:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}(٣) فأبدل منه كأنه في نفسه شرف، على وجه المبالغة، أو ذا شرف، كما تقول: رجل صَوْم، وزَوْر على التأويلين.
وقيل: الرسول هنا بمعنى الرسالة، وهو بدل من {ذِكْرًا}(٤).
وأن يكون منصوبًا على الإغراء على أنَّ الكلام قد تم عند قوله {ذِكْرًا}، ثم ابتدأ فقال:"رَسُولًا"، على: الزموا رسولًا، أو اتبعوا رسولَا. وأن يكون منصوبًا بإضمار فعل دل عليه {أَنْزَلَ}، أي: أنزل الله إليكم ذكرًا، وأرسل إليكم رسولَا. وأن يكون منصوبًا بقوله:{أَنْزَلَ} و {ذِكْرًا} صفة له، والتقدير: قد أنزل الله إليكم رسولَا ذكرًا، أي: مُذَكِّرًا، فلما تقدم انتصب على الحال، كقوله:
(١) انظر القولين في معاني الزجاج ٥/ ١٨٨. والنكت والعيون ٦/ ٣٦. وزاد المسير ٨/ ٢٩٨. وأكثر المفسرين على الأول. (٢) انظر معالم التنزيل ٤/ ٣٦١. وزاد المسير ٨/ ٢٩٨. والقرطبي ١٨/ ١٦٨. (٣) سورة الزخرف، الآية: ٤٤. (٤) قاله النحاس ٣/ ٤٥٧. ومكي ٢/ ٣٨٥.