قوله عز وجل:{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ}(خاشعًا أبصارهم يخرجون)(١) يجوز أن يتم الكلام عند قوله: {عَنْهُمْ}، أي: أعرضْ عنهم فقد أديت ما عليك، ثم ابتدأ فقال جل ذكره:{يَوْمَ يَدْعُ}، و {يَوْمَ} إما ظرف لقوله: (خاشعًا) أو {يَخْرُجُونَ}، وإما منصوب بإضمار اذكر، فيكون مفعولًا به لا ظرفًا، ويجوز أن يكون ظرفًا للتولي ومعمولًا له، على معنى: فتولَّ عنهم في ذلك اليوم، ولا تشفعْ لهم كما أعرضوا عنك في الدنيا، ولم يؤمنوا بك، فلا يوقف {عَنْهُمْ}، فاعرفه فإنه موضع.
وقوله:{إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ} الجمهور على ضَم النون والكاف، وضم النون وإسكان الكاف (٢)، فالضم الأصل، والإسكان مخفف منه، وهو صفة على فُعْل، وهو قليل في كلام القوم.
وقرئ:(نُكِرَ) بضم النون وكسر الكاف وفتح الراء (٣)، على أنه فعل ماض مبني للمفعول في موضع الصفة لـ {شَيْءٍ}، كقولك: مررت برجل ضُرِب.
وقوله:(خاشعًا أبصارهم)(خاشعًا) نصب على الحال وفِعْلٌ للأبصار، وذو الحال إما الضمير في {يَخْرُجُونَ}، أي: يخرجون خاشعًا أبصارهم، وإما محذوف وهو مفعول {يَدْعُ}، أي: يدعوهم الداع خاشعًا أبصارهم. وإما
(١) هذا على قراءة صحيحة كما سوف أخرج. (٢) قرأ ابن كثير وحده: (نُكْر) بإسكان الكاف، وقرأ الباقون: (نُكُر) بضمها. انظر السبعة / ٦١٧/. والحجة ٦/ ٢٤١ - ٢٤٢. والمبسوط/ ٤٢١/. والتذكرة ٢/ ٥٧٤. (٣) قرأها أبو قلابة، والجحدري، ومجاهد، وقتادة. انظر مختصر الشواذ/ ١٤٧/. والمحتسب ٢/ ٢٩٨. والمحرر الوجيز ١٥/ ٢٩٥. والقرطبي ١٧/ ١٢٩.