أحصى ذلك لهذا الغرض، وهو أن يجازي الفريقين على أعمالهم (١).
وقوله:{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ} يجوز أن يكون في موضع نصب على البدل من {الَّذِينَ أَحْسَنُوا}، وأن يكون في موضع ردع على إضمار مبتدأ، أي: هم الذين يجتنبون.
وقوله:{إِلَّا اللَّمَمَ}: فيه وجهان:
أحدهما: منقطع، أي: لكن اللمم قد غفره الله، وهو الوجه، لأن اللمم ما قَلَّ وصَغُر من الذنب عند الجمهور.
والثاني: متصل، والمعنى: الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا أن يُلِمَّ مُلِمٌّ بها ثم يتوب، فإنه وإن لم يكن اجتنبها في حالِ ما ارتكبها، فغير خارج عن صفة المحسنين؛ لأنه تاب منها.
وقوله:{وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ}(أجنة) جمع جنين، والجنين: الولد ما دام في البطن، وهو فعيل بمعنى مفعول، أي: مدفون، والجنين: الدفين في الشيء.
قوله عز وجل:{أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى}(يرى) من رؤية القلب، ومفعولاه محذوفان، أي: أعند هذا المعطي القليل المكدي علم الغيب فهو يراه شاهدًا؟ أي: يرى الغيب مثل الشهادة، فحُذفا لدلالة الكلام عليهما. قيل: وهذه جملة اسمية واقعة موقع الفعلية، والأصْلُ أعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَيَرىَ، ولو جاء على ذلك لكان نصبًا على جواب الاستفهام (٢).
(١) انظر هذا القول في التبيان ٢/ ١١٨٩. (٢) انظر التبيان الموضع السابق.