وقيل: المنوي في {نُودِيَ} الراجع إلى موسى - عليه السلام -، وفي {أَنْ} على هذا أوجه:
أحدها: هي المفسرة بمعنى (أي) لأن النداء فيه معنى القول (١).
والثاني: مصدرية، و {نُودِيَ} صلتها، ومحلها النصب لعدم الجار، أو الجر على إرادته، أي: نودي لأن بورك أو بأن بورك، أي: لبركة أو ببركة مَن في طلب النار (٢).
والثالث: مخففة من الثقيلة، والتقدير: نودي بأنه، والضمير ضمير الشأن، ولم يأت هنا بعوض كما أتى في قوله جل ذكره:{كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا}(٣) وقوله: {أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا}(٤) لأن قوله: {بُورِكَ} دعاء، والدعاء يجوز فيه ما لا يجوز في غيره (٥).
وقيل: المصدر مضمر، وهو القائم مقام الفاعل، كأنه قيل: نودي النداء (٦)، ثم فسر بما بعده كقوله:{ثُمَّ بَدَا لَهُمْ}(٧).
و(مَن) في قوله: {مَنْ فِي النَّارِ} موصولة، ومحلها الرفع على الفاعلية، وفعلها {بُورِكَ}. وبورك من في النار، وعلى من في النار واحد، والعرب تقول: باركك الله، وبارك عليك، عن الكسائي وغيره (٨).
(١) انظر هذا الوجه في الكشاف ٣/ ١٣٤. والتبيان ٢/ ١٠٠٤. (٢) انظر هذا الوجه في مصدري التخريج (١) وقد ذكراه أولًا. (٣) سورة هود، الآية: ٦٨. (٤) سورة الجن، الآية: ٢٨. (٥) اقتصر ابن الأنباري في البيان ٢/ ٢١٩ على هذا الوجه. وانظر التبيان ٢/ ١٠٠٤. ولم يجوزه الزمخشري ٣/ ١٣٤. (٦) انظر مشكل مكي ٢/ ١٤٥. (٧) سورة يوسف، الآية: ٣٥. (٨) انظر قول الكسائي في إعراب النحاس ٢/ ٥٠٩. ومشكل مكي ٢/ ١٤٥. وفيهما: وبارك (فيك) بدل (عليك). وحكى الفراء ٢/ ٢٨٦ الكلمتين.