وقوله:{لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}(الحسنى) تأنيث الأحسن وُصفت بها الأسماء, لأن حكمها حكم المؤنث، كقولك: الجماعة الحسنى، ونظيرها:{مَآرِبُ أُخْرَى}(١)، ومِنْ {آيَاتِنَا الْكُبْرَى}(٢)، {حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ}(٣) ونحو ذلك، والمراد بالأسماء الصفات, لأن كل واحد منها يدل على معنى هو صفة من صفاته.
قوله عز وجل:{وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} الاستفهام بمعنى التقرير، أي: قد أتاك، وقيل: هو بمعنى النفي (٤)، أي: لم يأتك، ثم أخبره به. فقال:{إِذْ رَأَى نَارًا} و (إذ) يجوز أن يكون ظرفًا للحديث, لأنَّ معناه: قد أتاك صنيع موسى إذ قال، وأن يكون ظرفًا لمضمر دل عليه قوله:{فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا}. وأن يكون مفعولًا به على معنى: اذكر إذ قال، ولا يجوز أن يكون ظرفًا لـ {أَتَاكَ} كما زعم بعضهم, لأن الإتيان لم يكن في ذلك الوقت.
وقوله:{لِأَهْلِهِ امْكُثُوا} أي: أقيموا في مكانكم، والمكث: اللبث.
{إِنِّي آنَسْتُ نَارًا} الإِيناس: إبصار الشيء الذي يُسكن إليه من بعيد. وقيل: هو الإبصار البيّن الذي لا شبهة فيه، ومنه إنسان العين - وهو المثال الذي يُرى في السواد - لأنه يتبين به الشيء، والإنس لظهورهم، كما قيل الجن لاستتارهم (٥).
(١) آية (١٨) من هذه السورة. (٢) آية (٢٣) من هذه السورة أيضًا. (٣) سورة النمل، الآية: ٦٠. (٤) قاله الكلبي كما في مفاتيح الغيب ٢٢/ ١٣. والقرطبي ١١/ ١٧١. وأكثر المفسرين على الأول. انظر النكت والعيون، ومعالم التنزيل، وزاد المسير المواضع السابقة. (٥) من الكشاف ٢/ ٤٢٨.