وقوله:{إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا}(إذ) معمول {رَحْمَتِ}، أي: أَنْ رَحِمَهُ حين ناداه، أو {ذِكْرُ}، أي: أَنْ ذَكَرَهُ في ذلك الوقت برحمته. و {نِدَاءً}: منصوب على المصدر. و {خَفِيًّا}: نعت له، أي: دعاء خافيًا.
قوله عز وجل:{وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} في نصبه وجهان:
أحدهما: مصدر على المعنى، لأن معنى اشتعل شاب، وفيه وجهان، أحدهما: على بابه، وهو مصدر مؤكد، والثاني: في موضع الحال.
والثاني: تمييز، والفعل في الحقيقة له، كقولك: تصبب زيد عرقًا، وَتَفَقَّأَ شحمًا (١)، وهو قول الجمهور، والمعنى: انتشر فيه الشيب، ثم أسند ذلك إلى الرأس، وأخرج الشيب مميزًا (٢).
فإن قلت: ما محل قوله: {وَاشْتَعَلَ}؟ قلت: النصب على الحال و (قد) معه مرادة، ويجوز أن يكون عطفًا على {وَهَنَ}.
وقوله:{وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} الباء متعلقة بقوله: {شَقِيًّا} والمصدر مضاف إلى المفعول، ولم يذكر الفاعل، والتقدير: ولم أكن خائبًا بدعائي إياك إذا دعوتك، يقال: شقي فلان بكذا، إذا تعب بسببه، ولم يحصل مراده ومطلوبه.
(١) أي تشقَّق، وانظر الصحاح (فقأ). (٢) كونه مصدرًا هو إعراب الأخفش ٢/ ٤٣٧. وكونه تمييزًا هو إعراب الزجاج ٣/ ٣١٩. ورجح النحاس في الإعراب ٢/ ٣٠١ الأول. وذكر وجهًا ثالثًا هو كونه مصدرًا في موضع الحال أي شائبًا أو ذا شيب. وانظر الكشاف ٢/ ٤٠٥. والعكبري ٢/ ٨٦٦.