وقوله:{مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ} يحتمل أن يكون متعلقًا بـ {نُسْقِيكُمْ}، وأن يكون في موضع نصب على الحال، إما من المنوي في الظرف وهو {فِي بُطُونِهِ}، أو من قوله:{لَبَنًا} لتقدمه عليه، أي: نسقيكم لبنًا من بين فَرْثٍ، وهو سِرجين الكَرِش (١).
و{خَالِصًا سَائِغًا}: صفتان للبن، أي: صافيًا لا شوب فيه، وسائغًا، أي: يسوغ في الحلق بسهولة.
وقرئ:(سَيْغًا)(٢)، قال أبو الفتح: هو محذوف من سَيِّغٍ كَمَيْتٍ من مَيِّتٍ، وَهَيْنٍ مِن هَيِّنٍ، وذلك أنه من الواو لقولهم: ساغَ شَرابُه يَسُوغُ، ولو كان سَيْغٌ فَعْلًا لكان سَوْغًا، ومنه قولهم: هو أَخُوه سَوْغُهُ، أي: قابل له غير متباعد عنه، كالشراب إذا قَبِلَتْهُ نَفْسُ شارِبِه، ولم تَنْبُ عنه، انتهى كلامه (٣).
قوله عز وجل:{وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ} أي: وإنّ لكم من ثمرات النخيل والأعناب شيئًا، أو ما تتخذون منه (٤)، فالضمير في {مِنْهُ} لأحد المذكورَين، وحذف للعلم به، وحذف (وإن لكم)، لدلالة {وَإِنَّ لَكُمْ} قبله عليه.
وقيل:{وَمِنْ ثَمَرَاتِ} متعلق بـ {تَتَّخِذُونَ}، أي: وتتخذون من ثمرات النخيل، و {مِنْهُ} من تكرير الظرف للتوكيد، كقولك: زيد في الدار فيها (٥).
(١) السرجين، ويقال السرقين: الزبل، معرب. انظر الجواليقي / ١٨٦/. (٢) قرأها عيسى الثقفي. انظر مختصر الشواذ / ٧٣/. والمحتسب ٢/ ١١. والمحرر الوجيز ١٠/ ٢٠٥ وتقرأ بتشديد الياء أيضًا. (٣) المحتسب الموضع السابق. (٤) قدم الطبري ١٤/ ١٣٣ هذا الوجه على الذي قبله. (٥) قاله الزمخشري ٢/ ٣٣٤.