وفي الإشارة وجهان - أحدهما: إلى بنات صلبه وكانت له ثلاثُ بنات (١). والثاني: إلى النساء، لأن كل أمَّةٍ أولاد نبيها رجالهم بنوه، ونساؤهم بناته، فكأنه قال لهم: هؤلاء بناتي فانكحوهن، وخلوا بَنيَّ فلا تتعرضوا لهم (٢).
قوله عز وجل:{لَعَمْرُكَ} رفع بالابتداء، وخبره محذوف، والتقدير لعمرك قَسَمِي، أو ما أُقْسِمُ به، والْتُزِمَ إضمار هذا الخبر، ولا يستعمل إظهاره، فلا يقال: لعمرك قسمي أو ما أقسم به، كما لا يقال: لولا زيد حاضر لكان كذا وكذا، واللام في {لَعَمْرُكَ} لام الابتداء.
والْعَمْرُ والعُمْرُ وإن كانا بمعنى واحد - وهو مدة بقاء الشخص حيًا - فلا يستعمل في القَسَمِ إلا الفتح لخفته، لأن القَسَمَ كثير الدَّور على ألسنة القوم، ولذلك حذفوا الخبر، فلما كان كذلك استعملوا له الأخف، لأن الفتح أخف عليهم (٣).
وقوله:{إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} جواب القسم، ولذلك كُسِرَ لا لكونه في خبره اللام كما زعم بعضهم (٤). وقرئ:(أَنَّهُمْ) بالفتح (٥)، على تقدير: لأَنَّهُمْ، مع حكمك بزيادة اللام التي في الخبر، لأنها تمنع الفتح على كل حال، لا لكون (إِنَّ) كسرت هنا لأجلها، فاعرفه فإنه موضع لطيف.
(١) وقيل: اثنتان. انظر جامع القرطبي ٩/ ٧٦. (٢) انظر الوجهين في النكت والعيون ٢/ ٤٨٨. والمحرر الوجيز ١٠/ ١٤٢. وقد تقدمت هذه الآية في هود (٧٨). وأكثر المفسرين على الوجه الثاني، واقتصر عليه الزجاج ٣/ ١٨٣. والنحاس ٤/ ٣٣. والزمخشري ٢/ ٣١٧. (٣) انظر توضيحًا أكثر لهذا أيضًا في معاني الزجاج ٣/ ١٨٣ - ١٨٤. وزاد المسير ٤/ ٤٠٨. (٤) هو العكبري ٢/ ٧٨٦. وبه قال السمين ٧/ ١٧٥ أيضًا. وتعليل المؤلف هو تعليل النحاس ٢/ ٢٠١ قبله. (٥) رواية عن أبي عمرو. انظر مختصر الشواذ / ٧١/. والمحرر الوجيز ١٠/ ١٤٤.