وأجاز أبو إسحاق جره على البدل من (ما)، كأنه قيل: نحن نقص عليك أحسن القصص بهذا القرآن. ورفعه على إضمار مبتدأ، أي: هو، ولا ينبغي لأحد أن يقرأ بهما، لأنَّ القراءة سنة متبعة ولم تثبت بهما رواية (١).
والباء من {بِمَا} من صلة {نَقُصُّ}.
وقد جوز نصب {هَذَا} بـ {نَقُصُّ} كأنه قيل: نحن نقص عليك أحسن الاقتصاص هذا القرآن بإيحائنا إليك (٢). والوجه هو الأول لسلامته من تغيير النظم.
وقوله:{وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}(إنْ) مخففة من الثقيلة، واسمها مضمر وهو ضمير الشأن، واللام هي الفارقة بين إنْ المخففة وبين إنْ النافية، والضمير في قوله:{مِنْ قَبْلِهِ} للإيحاء، أي: وإن الشأن والحديث كنتَ من قبل إيحائنا إليك هذا القرآن لمن الغافلين عنه، أي: لمن الجاهلين به، كقوله:{مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا}(٣).
وما ذكرتُ من أنَّ (إنْ) هي المخففة من الثقيلة مذهب أهل البصرة، وهي عند أهل الكوفة: النافية بمعنى (ما)، واللام بمعنى إلَّا، وقد ذُكر فيما سلف من الكتاب (٤).
قول عزَّ وجلَّ:{إِذْ قَالَ يُوسُفُ}(إذ) في موضع نصب بإضمار فعل، أي: اذكر إذ قال. وقيل: هو ظرف لقوله: {لَمِنَ الْغَافِلِينَ}(٥). وقال أبو
(١) انظر هذين الوجهين مع هذا التعليق في معاني أبي إسحاق الزجاج ٣/ ٨٨. ووجه الجر سبقه إليه الفراء ٢/ ٣٢. (٢) هذا الوجه للزمخشري ٢/ ٢٤٠. (٣) سورة هود، الآية: ٤٩. (٤) انظر إعراب الآية (١٦٤) من "آل عمران". (٥) من الآية التي قبلها، قاله مكي في المشكل ١/ ٤١٨ مقتصرًا عليه.