صاحب الكتاب رحمه الله (١). وقرئ:(براءةً) بالنصب (٢) على إضمار فعل، أي: اسمعوا براءة، وهو حسن لما فيه من معنى الإِغراء والحض على ذلك.
والبراءة: مصدر قولك: برِئت إليك من كذا أبرَأ، بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر براءة، وهي هنا: انقطاع العصمة، وبرِئتُ من المرض أيضًا بُرْءًا، وأهل الحجاز يقولون: بَرَأتُ من المرض بَرَءًا بالفتح فيهما. والمعنى: أن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - قد برئا من العهد الذي عاهدتم به المشركين، وأنه منبوذ إليهم.
قوله عز وجل:{أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} ظرف لسيحوا، أي: فقل للمشركين سيحُوا في الأرض زمانًا هذا حَدُّهُ، وما أضيف إلى الظرف فهو ظرف، أي: اذهبوا فيها، والسياحة: الذهاب في الأرض، يقال: ساح في الأرض يسيح سيحًا وسيحانًا وسيوحًا وسياحةً، أي: ذهب فيها.
قوله عز وجل:{وَأَذَانٌ} عطف على {بَرَاءَةٌ}. والأذان: الإعلام، عن أبي إسحاق وغيره يقال: اذنه بالشيء إيذانًا وأذانًا، إذا أعلمه به (٣)، ومنه سمي الحاجب الآذن. وما بعده من الجار والمجرور حكمه حكم ما بعد براءة، وقد أوضحت.
(١) حكاها سيبويه ٤/ ١٥٤ عن ناس من العرب، وقد مر تسميتهم في التخريج السابق. (٢) قرأها عيسى بن عمر كما في المحرر الوجيز ٨/ ١٢٥. ونسبها ابن الجوزي ٣/ ٣٩٢ إلى أبي رجاء، ومورق، وابن يعمر. (٣) انظر معاني الزجاج ٢/ ٤٢٩. والصحاح (أذن).