قوله عز وجل:{حَسْبُكَ اللَّهُ} ابتداء وخبر، بمعنى: كافيك الله، ولك أن ترفع الجلالة على الفاعلية، على تأويل: يكفيك الله، كما تقول: حسبك درهم، أي: كفاك.
وقوله:{وَمَنِ اتَّبَعَكَ} ختلف في محل (مَن)، فقيل: محله الرفع إما بالعطف على اسم الله جل ذكره على الوجهين المذكورين، كأنه قال: حسبك الله وتُبَّاعُكَ، أو على أنه مبتدأ وخبره محذوف، بمعنى ومن اتبعك كذلك، أو حسبه الله، أو أنه خبر مبتدأ محذوف بمعنى: وحسبك تباعك (١)، وضعف الأول لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن يقال:"مما شاء الله وشئت"(٢).
وقيل: محله النصب، إما على تقدير يكفيك الله ويكفي من اتبعك (٣)، أو على جعل الواو بمعنى مع، كما تقول: حسبك وزيدًا درهم (٤).
وقيل: محله الجر عطفًا على الكاف في {حَسْبُكَ اللَّهُ}، وليس بشيء؛
(١) قدره مكي على هذا الوجه بـ: ومن اتبعك من المؤمنين كذلك. انظر المشكل ١/ ٣٥١. (٢) بهذا اللفظ عَنْوَنَ البخاري للباب الثامن من كتاب الأيمان والنذور. وأخرجه النسائي، وابن ماجه، وأحمد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - رفعه: "إذا حلف أحدكم فلا يقل: ما شاء الله وشئت. ولكن ليقل: ما شاء الله ثم شئت". انظر فتح الباري أول الباب الثامن من كتاب الأيمان والنذور ١١/ ٥٤٨. وأخرجه أبو داود في الأدب، باب لا يقال: خبثت نفسي (٤٩٨٠) من حديث حذيفة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان. ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان". وإسناده صحيح. (٣) كذا قدره الزجاج ٢/ ٤٢٣. (٤) بدأ الزمخشري بهذا الوجه. (٥) نسبه القالي في ذيل الأمالي/ ١٤٠/ إلى جرير. وانظره في معاني الفراء ١/ ٤١٧. وجمهرة ابن دريد ٢/ ١٠٤٧. وإعراب النحاس ١/ ٦٨٥. وأمالي القالي ٢/ ٢٦٢. والصحاح (عصا). والمخصص ١٦/ ١٤. وسمط اللآلي ٢/ ٨٩٩. والكشاف ٢/ ١٣٣. والمفصل/ ٧٤/. وشَرْحِهِ ٢/ ٥١. والمحرر الوجيز ٨/ ١٠٧.