فإن قلت: لم جاء هنا بغير العاطف، وفي "يس"{سَوَاءٌ}(١) مع العاطف؟ قلت: قيل: لأن ما في "يس" مع ما بعده جملة معطوفة على جملة أخرى، فاحتاجت إلى العاطف، والجملة هنا ليست بمعطوفة، فهي من العطف بمعزل.
وسواء: اسم مشتق من التساوي، وهو بمعنى الاستواء، تقول: استوى الشيء إذا اعتدل استواءً (٢)، قال:
والاسم: السواء، وُصف به كما يوصف بالمصادر، ومنه قوله تعالى:{تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}(٤)، وقوله:{فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ}(٥) بمعنى مستوية، ولكونه بمعنى الاستواء لا يُثَنَّى ولا يُجْمَع، والهمزة فيه منقلبة عن ياء؛ لأجل أن باب (طَوَيْتُ) أكثرُ من باب قُوَّة، فَحُمِلَ على الأكثر.
قال أبو علي:{أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} لفظه لفظ الاستفهام، ومعناه الخبر، ومثل ذلك قولهم: ما أبالي أشهدتَ أم غِبتَ؟ وما أدري أَأَقْبلتَ أم أدبرتَ؟ وإنما جرى عليه لفظ الاستفهام وإن كان خبرًا، لأن فيه التسوية التي
= الزجاج، ومشكل مكي، وغريب ابن الأنباري، وتبيان العكبري، إلا أن أبا علي في الحجة ١/ ٢٦٩ أيد كونه مبتدأ، وضعّف كونه خبرًا. (١) الآية: ١٠، منها. (٢) في (ب) استوى الشيء استواءً إذا اعدل. (٣) نسب البغدادي ٥/ ٢٢ هذا البيت إلى مضرس بن ربعي شاعر جاهلي، ونسبه القيرواني صاحب زهر الآداب ٣/ ٨٠٦ إلى محكان السعدي. وانظره في جامع البيان ١/ ١١١، وأضداد ابن الأنباري/ ٤٣/ والمحرر الوجيز ١/ ١٠٦، ومعناه كما فسره صاحب الخزانة: أن العيون الصحيحة والعيون العور سواء في عدم رؤية الشيء لتكاثف الظلام. هذا وقد جاء هذا الشاهد في (د) و (ط) بعد أربعة أسطر من هنا. (٤) سورة آل عمران، الآية: ٦٤. (٥) سورة فصلت، الآية: ١٠.