للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد بَلَغَ مِن شدة عناية المسلمين بذلك أنَّ الخليفة العباسي المأمون -المتوفى عام ٢١٨ هـ- كان يقبل الجزية كتبًا، وكان يدفع وزن كل كتاب يُترجم ذهبًا! وقد كان عددٌ مِن البلدان الإسلامية تزخر بعدد مِن صروح العلم والجامعات التي خرَّجت عددًا مِن العلماء في شتى الفنون.

وكانت بلاد الأندلس -إسبانيا حاليًّا- تُمَثِّلُ منارةَ علم ومركزًا حضاريًا لأوروبا كلها، إلى أنْ خرج منها المسلمون عام (٧١١) هجرية -١٤٩٢ ميلادي-.

وقد أَلَّفَ المؤرخ الفرنسي إفاريست ليفر بروفنسال المتوفى عام (١٨٩٤ م) كتابًا بعنوان "حضارة العرب في الأندلس" ذَكَرَ فيه جوانبَ عظيمةً مِن تلك الحضارة.

وقد كَتب أحدُ ملوك أوروبا في القرن الثاني عشر ميلادي -وهو جورج الثاني مَلِكُ انجلترا والسويد والنرويج- إلى الخليفة هشام الثالث -أحدِ ملوك الأندلس- الرسالةَ التالية التي تُثبت أنَّ أوروبا كانت ترسل البعثات للدراسة والتعلم في الأندلس:

"مِن جورج الثاني -مَلِكِ انجلترا والسويد والنرويج- إلى الخليفة مَلِكِ المسلمين في مملكة الأندلس؛ صاحبِ العظمة هشام الثالث الجليلِ المقام، بعد التعظيم والتوقير؛ نفيدكم أننا سمعنا عن الرقي العظيم الذي تتمتع بفيضه الصافي معاهدُ العلم والصناعات في بلادكم العامرة، فأردنا لأبنائنا اقتباسَ نماذجَ مِن هذه الفضائل لتكون بداية حسنة في اقتفاء أثركم لنشر أنوار العلم في بلادنا التي يحيط بها الجهل مِن أركانها الأربعة، وقد وضعنا ابنةَ شقيقنا الأميرةَ (دوبانت) على رأس بعثة مِن بنات الأشراف الانجليز لتتشرف بلثم أهداب العرش والتماس العطف لتكون مع زميلاتها موضعَ عنايةِ عظمتكم، وقد زوَّدْتُ الأميرةَ الصغيرةَ بهدية متواضعة لمقامكم

<<  <   >  >>