للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولا يسقط شيء من ذلك عن علم ربهم) لما في حديث أبي هريرة قال: «قال رسول الله : «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون» (١). فقوله: وهو أعلم، والله جعل من حكمته أولئك الملائكة شهودا على بني آدم يحصون عليهم أعمالهم، ﴿وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين﴾ [يونس: ٦١]، قال ابن كثير رحمه الله تعالى: يخبر تعالى نبيه، صلوات الله عليه وسلامه أنه يعلم جميع أحواله وأحوال أمته، وجميع الخلائق في كل ساعة وآن ولحظة، وأنه لا يعزب عن علمه وبصره مثقال ذرة في حقارتها وصغرها في السموات ولا في الأرض، ولا أصغر منها ولا أكبر إلا في كتاب مبين، كقوله: ﴿وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين﴾ [الأنعام: ٥٩]، فأخبر تعالى أنه يعلم حركة الأشجار وغيرها من الجمادات وكذلك الدواب السارحة في قوله: ﴿وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون﴾ [الأنعام: ٣٨]، وقال تعالى: ﴿وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين﴾ [هود: ٦].

وإذا كان هذا علمه بحركات هذه الأشياء، فكيف بعلمه بحركات المكلفين المأمورين بالعبادة». اهـ (٢).

(وأن ملك الموت يقبض الأرواح بإذن ربه).

ومما يجب الإيمان به أن الله سخر ملائكة لقبض الأرواح، وأن ملك


(١) صحيح البخاري برقم (٥٥٥)، وصحيح مسلم برقم (٦٣٢).
(٢) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٥١٤/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>