للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشهد له العالمون النقدة أنه أمين على حديث شيوخه ضابط له، لا يجوز عليه فيه إلا ما لا مكنة لأحد أن يتحرز منه، مما تقتضيه أحوال الناس في العادة، ولذلك قضي له عند المنازعة في الضبط أنه الأضبط، «قال إبراهيم بن أورمة الأصبهاني: حدث عمرو بن علي بحديث عن يحيى القطان، فبلغه أن بندارا قال: ما نعرف هذا من حديث يحيى. فقال أبو حفص: وبلغ بندار إلى أن يقول: «ما نعرف»! قال إبراهيم: وصدق أبو حفص؛ بندار رجل صاحب كتاب، وأما أن يأخذ على أبي حفص فلا» (١).

ولم يجد بعض شيوخه غضاضة في أن يأخذوا عنه، وعدها الفلاس مما يفاخر به فقال: «روى عني عفان حديثين» (٢)، وأكد هذا المؤدى أبو عيسى الترمذي فقال في مصنفه: سمعت أبا زرعة يقول: «روى عفان بن مسلم، عن عمرو بن علي حديثا» (٣). وقد روى صاحبنا حديث ابن عباس، أنه سمع رسول الله يقول: «من كان له فرطان من أمتي أدخله الله الجنة … »، يسنده عن عبد ربه بن بارق، قال: حدثني سماك بن الوليد. ثم قال: «كتب عني هذا الحديث أبو عاصم (٤)». وكل هذا شاهد على اتساع روايته ورضا الشيوخ له.

ثم إن التقدير العلمي شفع لعمرو أن يكون دانيا من شيوخه إلى القدر الذي يأنس إليهم ويأنسون به، فدل على ذلك أنه يبثهم شجونه، ويفضي إليهم بدخيلة نفسه، ويستشيرهم إذا لزم الأمر؛ ومنه أنه حكى فقال: «شكوت إلى أبي عاصم


(١) تهذيب التهذيب: (٨/ ٨١).
(٢) تقييد المهمل: (١١٣١/ ٣).
(٣) المعلم لابن خلفون: ٤٤٠.
(٤) تاريخ الإسلام: (٥/ ١١٩٧ - ١١٩٨).

<<  <   >  >>