للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[متى دخل الكتاب إلى الأندلس والمغرب؟]

ظل المشرق رافدا لا ينضب معينه لعلماء الجزيرة، ووجهة لا ينكص عن أمها إلا من أكدت وسائله، وشكلت رحلات الحج موعدا دينيا لا يتخلف، يستصحب العلماء فيه - مع أداء الفريضة وصل وشائج العلم، وإنعاش الامتداد، ويستجلبون معهم أصولا علمية قرؤوها على أصحابها، أو تناولوها بحق روايتها أو أجيزوا فيها، فاتصلت أسانيدهم بها، وستغدو بعد عودهم مقررات يشرحونها لطلبتهم، أو يؤوبون إليها؛ لاستشارتها عند التأليف أو النظر.

وكان من تلكم الأصول النافقة التي التفت إليها هؤلاء كتاب التاريخ لعمرو بن علي، وأول من نعلمه أدخله إلى الأندلس اثنان:

أولهما ينميه نسبه إلى أصول مغربية، وهو عبد الله بن مسرة بن نجيح، أبو محمد البربري الفاسي (١) القرطبي (ت ٢٨٦ هـ) (٢)، رحل مع محمد بن عبد السلام، وسمع معه على الفلاس بالبصرة، «وتردد فيها فأكثر» (٣)، حتى لحقته نحلة القدرية، وكانت فاشية ثمة، ورجع إلى الأندلس، فروى عنه التاريخ قاسم بن أصبغ (٤).

وأما الثاني فأبو عبد الله محمد بن عبد السلام بن ثعلبة الخشني (ت ٢٨٦ هـ)،


(١) عزا ابن الفرضي نسبه إلى الحكيم، وهو على التحقيق: عبد الله بن عبيد الله الأزدي (ت ٣٤١ هـ)، له كتاب نبيل في أنساب الأندلسيين، قال عنه ابن عبد الملك في الذيل والتكملة (١/ ٢١٣): «ذكر فيه الخلفاء ومن تناسل منهم بالأندلس، ومن سائر قريش ومواليهم، وأهل الخدمة والتصرف لهم، ومشاهير العرب الداخلين إلى الأندلس من المشرق من غير قريش ومواليهم، ومشاهير قبائل البربر الذين احتلوا الأندلس».
(٢) تاريخ الإسلام: (٦/ ٧٧٠؛ رت: ٣٢٣).
(٣) تاريخ العلماء: (١/ ٢٥٦؛ رت: ٦٥٢).
(٤) ن تقييد المهمل وتمييز المشكل: (٣/ ١٠٧٩؛ ١٠٩٧؛ ١١٢٣؛ ١١٢٦).

<<  <   >  >>