وقد «كانت له رحلة إلى العراق وإلى غيرها من البلاد»(١)، أقام فيها «خمسا وعشرين سنة متجولا في طلب الحديث، فلما رجع إلى الأندلس تذكر محاله في الغربة، فقال:
كأن لم يكن بين ولم تك فرقة … إذا كان من بعد الفراق تلاقي
كأن لم تؤرق بالعراقين مقلتي … ولم تمر كف الشوق ماء مآقي» (٢)
فنص على مكثه بالبصرة والكوفة، ثم إنه «رجع إلى الأندلس وحدث زمانا طويلا»(٣)؛ فإن جمعنا بين هذا وبين قول ابن الفرضي: إنه «رحل قبل الأربعين ومئتين، فحج ودخل البصرة»(٤)، تحصل لنا أنه رجع إلى الأندلس سنة ٢٦٥ هـ تقريبا. ومنه نستنتج:
- أنه سمع الكتاب من الفلاس ما بين ٢٤٠ و ٢٤٩ هـ.
- أن الكتاب ألف قبل ٢٤٠ هـ.
- أن دخول الكتاب على يد الخشني إلى الأندلس، كان بلا مراء بعد ٢٦٥ هـ، أي بعد ١٦ سنة من وفاة صاحبه، وهو تاريخ مبكر بمقاييس تلك الفترة.
فإذا انضم إلى ما سلف أننا حددنا تاريخا تقريبيا لتأليف الكتاب بعد سنة ٢٠١ هـ، وأن صاحبه ظل ينقحه بعد ذلك إلى حدود ٢١٢ هـ؛ علمنا أن الخشني تلقى الكتاب عن الفلاس، وقد نفض يده منه، واستقر على صورته التي ارتضاها له؛ فتكون نسختنا - إذ تؤول إلى الخشني - نسخة نهائية.
(١) جذوة المقتبس: (١٠٧). (٢) جذوة المقتبس: (١٠٧ - ١٠٨). والأبيات بأطول من هذا في بهجة المجالس وفصل المقال ومطمح الأنفس. (٣) جذوة المقتبس: (١٠٧). (٤) تاريخ العلماء والرواة: (١٦/ ٢؛ رت: ١١٣٤).