سليمان بن داود الهاشمي (ت ٣٠٩ هـ) - سمع منه هذه السنة أيضا بسر من رأى (١)، ولم يسم من آخر من روى عنه لا بإطلاق ولا بتقييد والذي ظهر لي - والعلم لله جل وعز - أن جموعا حفيلة حضرت إملاء الرجل بباب خراسان، تستحق كلها أن تدخل في نطاق الآخرية؛ لأن الرجل استنفد عمره بعيد قدمته إلى دار السلام، وإنما استحق هؤلاء الثلاثة التخصيص الوقوع المعرفة بأغيانهم واشتهار أمرهم، وتصريح الجلة بتصحيح سماعهم لآخر العهد بشيخهم، ولولا أن في هذا الأمر مزيد تدليل على كمال عناية المشايخ بضبط مسالك الرواية وأصحابها، وتحقيق الحق في تواريخ التحديث للجم دعاوى الكذب، لكان في الكف عن الخوض فيه سعة.
[٥ - آخر ما حدث به]
وغريب مع ما ذكرنا أن يتفق حال الفلاس مع آخر ما حدث به، فيكون عن الموت وحال الميت، فقد ساق ابن اللبودي في النجوم الزواهر في معرفة الأواخر (٢): أن آخر حديث حدث به أبو حفص حديث أبي سعيد الخدري ﵁، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن الميت ليعرف من يغسله، ومن يحمله، ومن يدليه في حفرته أو في قبره»(٣). ولعل مناط اختيار مثل هذا الحديث استشعار منه لدنو الأجل وقرب المنقلب، وتلبس بحال الرجاء في رحمة الله إذا صار إليه، وتوطين للنفس على الصبر على البلاء، وهو إحساس ملك على الشيخ قلبه، حتى كان من دعائه - كما سيتلو - آخر مجلس عقده للإملاء، أن يرده الله إلى أهله.
(١) ن: الكفاية للخطيب البغدادي: (٢/ ١١٨؛ رح: ٧٧١). واستكمال اسمه ونسبته من تاريخ بغداد: (٩/ ٥٧؛ رت: ٤٢٥٥). (٢) (١٣٦). (٣) ن الحكاية وسند الحديث وتمام متنه في تاريخ بغداد: (١٤/ ١٢٣).