وقد استوفى الخطيب في كتبه نقل مادة كثيرة من التاريخ، وورد به دمشق، ولم يزد المالكي في تسميته على إضافته إلى الفلاس؛ فقال:«تاريخ عمرو بن علي»(١)، وأظن أن للكتاب عنوانا طويلا، دفع الاقتصار المؤلفين إلى عدم إيراده، اجتزاء بالتسمية الجارية، فلعل صنيعهم هذا حجب عنا عنوانا طويلا فيه جماع ما أراد الفلاس من كتابه، ولو ضمت نسختنا الفريدة من الكتاب عنوانها، لقطعت منا اللسان، ولم تحوجنا إلى هذا التقدير وشبهه.
[٢ - التاريخ التقريبي لتأليفه]
لا نجد تنصيصا على تاريخ الفراغ من التصنيف، ولكن هناك قرائن مسعفة بتأطير تقريبي؛ منها أن الفلاس وقف بتاريخه في مبدئه الذي خصصه للخلفاء عند سنة ٢٠١ هـ، تاريخ وفاة عبد الله المأمون، ولم يكن ليطوي ذكر من بعده من الخلفاء لو تأخر تأليفه؛ لما في ذلك من المنابذة والإشعار بالدون، فظاهر أنه بدأ التأليف في حدود مفتتح القرن الثالث، ثم صار يضيف أو ينقح بعد ذلك، بدليل أنه ذكر وفاة شيخيه أبي داود وأبي عاصم، وكلتاهما واقع بعد التاريخ المذكور آنفا؛ فإن الأول توفي سنة ٢٠٤ هـ، والثاني سنة ٢١٢ هـ.
وكانت رحلة محمد بن عبد السلام الخشني - الذي تؤول إليه نسختنا - إلى الحج، وقصده للبصرة، قبل سنة ٢٤٠ هـ (٢)، ومعنى هذا أن كتاب التاريخ مؤلف حينها على النحو الذي ارتضاه له صاحبه؛ لأن المهلة بين أحدث تاريخ مذكور في الكتاب (٢١٢ هـ)، وتاريخ ٢٤٠ هـ، تمكن صاحبنا أبا حفص - لو عن له ذلك - من
(١) جزء فيه تسمية ما ورد به الخطيب دمشق من الكتب من روايته (ضمن كتاب: الحافظ الخطيب البغدادي وأثره في علم الحديث): (٢٨٦). (٢) أخبار الفقهاء والمحدثين: (٩٩).