للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الطبقات الكبير (١)، مسندا إلى الحسن، قال: «أول من عرف بالبصرة عبد الله بن عباس، قال: وكان مثجة كثير العلم، قال: فقرأ سورة البقرة ففسرها آية آية». ويفيد الخبر أن ابن عباس كان مكين القدر في البصرة، وأنه بث فيها علمه.

وقد استقر علم ابن عباس بعد موته، وأمن عليه من الضياع لا بالرواية الشفوية فحسب وكثرة التلاميذ، بل أيضا بتقييده في كتب معروفة، وما انقضى القرن الأول حتى عرفت كتبه لا بمكة وحدها، ولكن بالمدينة أيضا، ولك أن تقيس عليها البصرة وما صاقبها، قال موسى بن عقبة: «وضع عندنا كريب حمل بعير أو عدل بعير من كتب ابن عباس. قال: فكان علي بن عبد الله بن عباس إذا أراد الكتاب كتب إليه: ابعث إلي بصحيفة كذا وكذا. قال: فينسخها، فيبعث إليه بإحداهما» (٢).

ولكننا بعد هذا كله، قدرنا أن ورود ابن عباس على البصرة لم يكن أمرا انفرد به، بل شركه فيه صحابة آخرون عددهم ابن سعد في كبرى طبقاته (٣)، من أبرزهم: أنس بن مالك وأبو موسى الأشعري، ولا دعوى في إفراده دونهم على الحقيقة إلا إرادة إرضاء خلفاء بني العباس، وإليه يؤول جذمهم، وفي تزداد ذكره والإشادة - عن حق - بعلمه، ترفيع بهم، وإعلاء من شأنهم، ومنه يظهر أن الدوافع السياسية في بعض الاختيارات مما لم يخل منه الكتاب، وهو نوع من الدهاء والمداراة قد يكون أمن به من البطشة الكبرى في فتنة خلق القرآن، والله أعلم.

- شق نقدي صناعي أخص:

ويكاد يكون خالصا لمدينة البصرة، وفيه تسمية شيوخ حميد الطويل (٤) وشيوخ


(١) الطبقات الكبير: (٢/ ٣١٧؛ رح: ٢٦٦٥).
(٢) الطبقات الكبير: (٧/ ٢٨٨؛ رح: ٧٣٦٠).
(٣) (٩/ ٥ - ٨٨).
(٤) التاريخ: ٤٤ و.

<<  <   >  >>