واجب البيان عند وقت الحاجة أفضى بنا إلى ما ترى من التعريف، ونحن نستنزل له شآبيب الرحمة، وفيوضات الغفر، ونتمنى أن نكون شركاء له في الأجر.
[٢ - أصالة النسخة]
حالنا مع هذه النسخة كحال «طفيلي ويقترح»، فما إن عثرنا عليها على عجرها وبجرها، حتى تمادى بنا الطمع في أن لو كنا قد استمسكنا بأصل عتيق يهون ما عنانا من سقمها، ويدفع عنا كثيرا من الاضطراب في تعيين صواب بعض مشكلاتها، ومع أن تقييد الفراغ من النسخة يوفر لها قدرا من الوثاقة، ويضمن لها أمرين جليلين، أحدهما: أنها منتسخة برسم أمير هو «الحاكم المعظم الأسنى أبو زكريا يحيى بن محمد»، وثانيهما: أن تاريخ تمام النسخ كان سنة ٧٧٤ هـ، وهو تاريخ متقدم إذا ما روعي أن ذكر الكتاب والنقل عنه سينقطع تقديرا في منتصف القرن الثامن، مع إفادة الذهبي منه في تاريخ الإسلام، وما تناسل عنه من التصانيف.
وفوق هذا كله، فالنسخة مغربية الإسناد، مغربية الوراقة، مغربية النساخة، مراكشية القرار، بما يستشف من عبارة الختم، وبما أثبتته وقفية الكتاب، وذلك مما يحتاج إلى مزيد بسط في الكلام، وأوله أن لنا ملاحظات تبديها:
١ - يبعد أن تعرى نسخة خزائنية عن العنوان أو على ما يدل عليه، فإن هذا غير خليق بصنعة ناسخ من النساخ السوقة (١)، بله أن يكون مرتسما بالنساخة للأمراء والوجهاء.
٢ - ليس في النسخة «ترجمة»(٢)، بل سقطت منها عناوين تسعة فصول، وليس
(١) هذا إن كان في النساخين سوقة، ففي التعبير مسامحة، وإلا فهم أشراف جميعهم على اختلاف في الدرجات. (٢) هي السرلوحة في اصطلاح المشارقة.