للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا عادة مما يقع في النسخ الخزائنية؛ فإن الاستدلال عليها يقع بمجرد صفحها، لمزيد العناية بها وتذهيبها، ونسختنا هذه عارية عن كل ذلك، بل إنها غير مسفرة البتة، وليست مفروطة ولا عليها أثر عمل المجلد، وإنما بقيت كما كانت كراريس مخيطة، ولعل الناسخ أعجله أمر ما أو عالجه صارف قاهر، فترك الكتاب منقوصا.

٣ - لا يقع الناسخ عادة في الخطأ في تاريخ نسخه؛ فقد سقط له من تقييد الختام عبارة ألحقت بالطرة، وظاهر أن في الكلام سقطا ذهب معه تعيين اليوم والشهر، أو إجمالا زهد معه في التفصيل، وللتفاصيل أحيانا خطرها الذي لا ينكر.

ونص التقييد في الغاشية: «نسخ هذا الكتاب للحاكم المعظم الأسنى أبي زكريا يحيى بن محمد، أحيا الله ذكره، وبلغه أمله، وأدام سعادته، وخلد أيامه غرة. وكان الفراغ منه في فاتح أربع وسبعين وسبع مئة، عرفنا الله خيره، وكفانا شره».

فانظر كيف غابت العبارات المشكوكة التي درج عليها في مخاطبة الأمراء والملوك حينها، من قوله: «سيدنا ومولانا» وما يجري مجراه.

٤ - أن الناسخ لم يحل صاحب الوقت، بغير «الحاكم المعظم الأسنى»، ولم يسمه أميرا ولا خليفة ولا ملكا ولا سلطانا، وفي هذا ما فيه.

٥ - أن الدعاء بضريب قوله: «أحيا الله ذكره، وبلغه أمله»، «وأدام سعادته»، لا تناسب سلطانا دانت له الأمور، وتفنن في تصاريفها، وقوبل بالخوف والرهبة والخنوع، بقدر ما توافق أميرا متغلبا حديث عهد بحكم، أو ثائرا مستبدا ينازعه الناس المطاوعة، لكنه يتألف قلوبهم حتى تمكنه منهم الفرصة، ولا ذكر تبعا لذلك لتحليات «أمير المومنين» أو «الخليفة» أو «الملك» أو «السلطان» (١)، فإن انضاف إلى


(١) ن نماذج عن تحليات السلاطين في تضاعيف العز والصولة للنقيب ابن زيدان، بجزئيه.

<<  <   >  >>