للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونحن على ذكر من أن أسرته قطنت البصرة، ثم اختار هو في وقت متأخر - طائعا أو كارها ـ في الغالب أن يستقر بسر من رأى؛ ليكون دانيا من بغداد عاصمة الخلافة، بقرينة أنه يعبر في الانتقال منها إلى مكان مصاقب بقوله: «انحدرت»، على ما حكاه أبو عبد الله بن أبي خيثمة قال: سمعت عمرو بن علي الفلاس يقول: «انحدرت من سر من رأى إلى بغداد في حاجة لي، فبينا أنا أمشي في بعض الطرق، إذ أنا بجمجمة قد نخرت؛ فأخذتها فإذا على الجبهة مكتوب: «شقي»، والياء مكسورة إلى خلف» (١).

[٣ - لقيا الشيوخ والطلب]

[أ ـ رحلاته وتواريخ مهمة في مساره]

أول ما يطالعنا في سيرة الفلاس: أنه تطلع للأخذ عن كبار النقدة العالمين بالحديث، يوم كانت البصرة تعج بهم كخلية نحل، فاقتعد له مكانا في مجلس حماد بن زيد، وهو يؤمئذ صبي صغير وضيء، وأخمن أنه كان يؤمها دون العاشرة، أي في أول عشر السبعين بعد المئة، وسمع من يزيد بن زريع (ت ١٨٢ هـ) قبيل وفاته بقليل، ولذلك استصغر فيه، مع أنه سمع قبل - أي في سنة ١٧٨ هـ - من محمد ابن ثابت العصري؛ قال الروياني: نا أبو حفص عمرو بن علي، قال: سمعت شيخا سنة ثمان وسبعين ومئة يقول: نا أبو غالب، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله : «تزوجوا؛ فإني مكاثر بكم النبيين يوم القيامة، ولا تكونوا كرهبانية النصارى». قال أبو حفص: «وصفت هذا الشيخ، فقالوا: هذا محمد بن ثابت العصري» (٢). ويبدو من قوله: «سمعت شيخا» أنه لم يعرفه على التعيين، ثم عرفه بعد لما وصفه؛ وينتج


(١) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي: (٢/ ٦٦٠؛ رح: ١٠٦١).
(٢) مسند الروياني: (٢/ ٢٧٤؛ رح: ١١٨٨).

<<  <   >  >>