للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبيل رجلا فقلت: إذا أنا كلمته أثمت، وإذا تركته استرحت؛ فأنشدني أبو عاصم:

وفي الأرض منجاة وفي الصرم راحة … وفي الناس أبدال سواه كثير» (١)

وبالمقابل، لم يكن هؤلاء يتحرجون من تلميذهم النجيب، فيظهرون أمامه بمظهر المتبذل الأليف، ومن ثم كان شاهدا على بعض نفثاتهم؛ مثاله أنه قال: «سمعت أبا عاصم الضحاك بن مخلد، وأراد أن يقوم فتعذر عليه القيام؛ فتمثل بهذا البيت:

قد كنت أمشي بطرا … فاليوم أمشي القهقرى» (٢)

وإنه ليفصح عن هذا البرور بالمشايخ إكثاره الرواية عن أعيانهم، ونصه على حضور جنائز بعضهم، وصحبته لأفذاذهم، فحضر جنازة يزيد بن زريع (٣)، وحماد ابن زيد (٤)، ولقي معتمرا وبشر بن المفضل في جنازة خالد بن الحارث (٥). وأحيانا يأخذ بيد بعض أصدقائه من الطلبة، فيدلهم على أحد شيوخه، كما فعل مع أبي بدر عباد بن الوليد الغبري، حين دله على شيخه جابر بن إسحاق الباهلي، وحكى ذلك عباد فقال: «دلنا عليه عمرو بن علي، وجاء معنا حتى سمعنا منه» (٦).

وسترى في مسرد الشيوخ كثرة كاثرة، فلا تحسبن كلهم جاز القنطرة، بل


(١) العزلة للخطابي: ٩٧؛ الأمثال في الحديث: (٤٠٩؛ ر: ٣٦٠)؛ طبقات الحنابلة لأبي يعلى: (٣/ ١٢٣)؛ وفي سياق الخبر اختلاف، والعبارات أعلاه بالتلفيق.
(٢) كتاب التاريخ: ٤٦ و.
(٣) كتاب التاريخ: ١٤ ظ.
(٤) كتاب التاريخ: ١٧ ظ.
(٥) كتاب التاريخ: ١٨ و.
(٦) الجرح والتعديل: (٢/ ٥٠١؛ رت: ٢٠٦٣)؛ مسند الروياني: (٢/ ٣٢٩؛ رح: ١٣٠١)؛ مسند البزار: (١٥/ ١٧٣؛ رح: ٨٥٣١). ون الثقات لابن حبان (٨/ ١٦٣؛ رت: ١٢٧٦٥).

<<  <   >  >>