كادت تزل بنا من حالق قدم … لولا تداركها نوح بن دراج (١)
ولا تمنع مكانة عبد الرحمن بن مهدي الفلاس من أن يقطعه عند ظهور التحدي؛ فقد حكى الخليلي قال:«سمعت عبد الله بن محمد الحافظ يقول: سمعت إسماعيل ابن محمد يقول: سمعت أبا قلابة يقول: سمعت عمرو بن علي يقول: كنا عند عبد الرحمن بن مهدي، فذكر حديث «علي مني بمنزلة هارون من موسى»، فقال: هاتوا فيه حديثا صحيحا. فقلت: حدثنا يحيى بن سعيد، ومحمد بن جعفر غندر، قالا: حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، عن سعد. وشعبة، عن الحكم بن عتيبة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، أن النبي ﷺ قال له ذلك. فكأنما ألقيت في فيه حجرا» (٢).
وأما يعسوب شيوخه يحيى بن سعيد القطان، فقد أنكر على الفلاس أن يقع منه خطأ بمحضره ثم لا ينبهه إليه، مع مكانه منه، ومجلسه غاص بأعلام الطلبة كابن المديني ومن دونه، وتلك غاية سامقة في التقدير ليس وراءها مرمى، «قال العباس العنبري: حدث يحيى بن سعيد القطان بحديث فأخطأ فيه؛ فلما كان من الغد، اجتمع أصحابه حوله، وفيهم ابن المديني وأشباهه، فقال لعمرو بن علي من بينهم: أخطئ في حديث وأنت حاضر فلا تنكر!»(٣).
(١) أخبار القضاة لوكيع: ٦٠٦. وفي تمثل أبي عاصم تنظير لحكايته مع الفلاس بحكاية ابن شبرمة القاضي مع نوح بن دراج، وهو الذي أنشد البيت فيه. والحكاية أوردها ابن أبي الدنيا في الإشراف في منازل الأشراف (١٤٨؛ رت: ٩٠)، ووكيع أيضا في أخبار القضاة (٥٤٦)، واللفظ للأول: «سئل ابن شبرمة عن مسأله فأفتى فيها فلم يصب؛ فقال له نوح بن دراج: انظر فيها، تثبت يا ابن شبرمة. فعرف أنه لم يصب. فقال: ردوا علي الرجل؛ ثم أنشأ يقول: كادت تزل بنا من حالق قدم … لولا تداركها نوح بن دراج» (٢) الإرشاد: (٢/ ٥١٨؛ ر: ١٥٢). (٣) تهذيب التهذيب: (٨/ ٨١).