كما هو ظاهر، ولكنه لحقه لمكانه من علم الرجال ومعرفة العلل، فهو أشبه في فنه بالصيرفي الذي يروز الدنانير، فيعرف صحيحها من مغشوشها، ولذلك يحكي عن نفسه: «روى عني عفان (١) حديثين، فلم يقم خيره ببشره. قال: حدثني أبو حفص الفلاس، ولم أكن فلاسا، فأوقع علي الفلاس» (٢). ويشم من لهجة عمرو في هذا الخبر التبرم بهذا اللقب، ولكنه لزمه فصار من باب السماء فؤقنا. وممن جعله صيرفيا يبيع الفلوس فأخطأ، ابن القيسراني حين قال:«الناقد: الأول: لقب جماعة من حفاظ الحديث لقبوا به لنقدهم ومعرفتهم. الثاني: قوم من الصيارفة حدثوا فنسبوا إليه؛ منهم: الإمام عمرو بن علي الفلاس الصيرفي الناقد»(٣).
وأعدل من هذا اللقب وأوفق لقب الصيرفي، وقد يقال:«الصراف»، كما فعل ابن أبي حاتم مرة في الجرح والتعديل (٤).
وأما لقب التحبب «عمرويه»، الذي اختصه به شيخه أبو عاصم، فقد خفي أمره على الكثير، حتى وجدت حكاية تفيد أن صاحبنا رد شيخه إلى الصواب في إسناد، فلم يلبث أن ناداه فقال:«يا عمرويه»:
كادت تزل بنا من حالق قدم … لولا تداركها نوح بن دراج (٥)
وقد بقي في نفسي شيء من هذا الخبر؛ لانفراد مصدر وحيد به ـ ومثل هذه الوحدان مغرى بها التضحيف - حتى نقل الأونبي عن مسلمة بن قاسم قوله في
(١) هو ابن مسلم، من كبار شيوخه. (٢) تقييد المهمل: (٣/ ١١٣١ - ١١٣٢). (٣) الأنساب المتفقة: ١٥٧. (٤) (٣/ ٢٩٦؛ رت: ١٣١٧). (٥) أخبار القضاة لوكيع: ٦٠٦.