خرَجْنا مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عام تبوك حتى جِئْنا وادي القري، فإذا امرأة في حديقة لها، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأصحابه:"اخْرُصوا (١) " فخَرَصَ القومُ، وخَرَصَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عشرة أوسق (٢). وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- للمرأة:"أحصي ما يخرج منها حتى نرجعَ إليك إن شاء اللَّه" قال: فخرجَ حتى قَدِمَ تبوك، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنّها ستهُبُّ عليكم ريح شديدة فلا يقومَنَّ فيها رجل، ومن له بعيرٌ فلْيُوثِقْ عِقاله". قال أبو حميد: فعقَلْناها، فلمّا كان من الليل هبَّتْ علينا ريحٌ شديدة، فامَ فيها رجلٌ فألقَتْهُ في جبل طيّء، ثم جاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ملكُ أيْلةَ، فأهدى لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بغلة بيضاء، فكساه رسول اللَّه بُردًا، وكتب له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ببَحْره (٣)، ثم أقبل وأقبلْنا معه حتى جئنا وادي القري، فقال للمرأة:"كم حديقتُك؟ " قال: عشرة أوسق، خَرْصَ رسول اللَّه به.
فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنِّي مُتَعَجِّلٌ، فمن أحبَّ منكم أن يتعجَّلَ فليفعل" فخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وخرجْنا معه، حتى أوفى على المدينة قال:"هذه طابة". فلما رأى أحدًا قال:"هذا جبلٌ يُحِبُّنا ونحِبُّه" ألا أخْبِرُكم بخير دور الأنصار؟ " قال: قلنا: بلى يا رسول اللَّه. قال: "خيرُ دور الأنصار بنو النجّار، ثم دار بني الأشهل، ثم دار بني ساعدة، ثم في كلّ دور الأنصار خير".
أخرجاه في الصحيحين (٤).
(٤٢٧٨) الحديث السابع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال: حدّثنا سليمان بن بلال عن سهيل بن أبي صالح عن عبد الرحمن عن أبي حميد الساعديّ:
أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يَحِلُّ لامرىءٍ أن يأخذَ مال أخيه بغير حقّه، وذلك لما حرَّمَ اللَّه عزّ وجلّ مال المسلم على المسلم" (٥).
(١) الخرص: الحرز والتقدير. (٢) الأوسق جمع وسق: وهو ستون صاعًا. (٣) البحر: البلد. (٤) المسند ٥/ ٤٢٤، والبخاري ٣/ ٣٤٣ (١٤٨١). ومن طريق عمرو بن يحيى أخرجه مسلم ٤/ ١٧٨٥، وأخرج جزءًا منه ٢/ ١٠١١ (١٣٩٢). (٥) المسند ٥/ ٤٢٥. وصحّحه ابن حِبّان ١٣/ ٣١٦ (٥٩٧٨)، وجعل الهيثمي رجاله رجال الصحيح - المجمع ٤/ ١٧٤. وصحّح إسناده محقّق ابن حِبّان، وذكر مصادره.