رجلا من العرب فيما اختلفوا فيه، فحكموا يعمر بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وكان رجلا شريفا، فقال لهم: موعدكم فناء الكعبة غدا. فاجتمع الناس وعدوا القتلى، فكانت في خزاعة أكثر منها في قريش وقضاعة وكنانة، وليس كل بني كنانة قاتل مع قصي خزاعة، إنما كانت مع قريش من بني كنانة فلال يسير، واعتزلت عنها بكر بن عبد مناة قاطبة.
فلما اجتمع الناس بفناء الكعبة، قام يعمر بن عوف، فقال: إني شدخت (١) ما كان بينكم من دم تحت قدمي هاتين، فلا تباعة لأحد على أحد في دم، وإني قد حكمت لقصي بحجابة الكعبة وولاية أمر مكة دون خزاعة، لما (٢) جعل له [حليل](٣)، وأن يخلي بينه وبين ذلك، وأن لا تخرج خزاعة عن مساكنها من مكة. قال: فسمي يعمر (٤) ذلك اليوم: الشداخ. فسلمت (٥) خزاعة لقصي، وأعظموا (٦) سفك الدماء في الحرم، وافترق الناس.
فولي قصي بن كلاب حجابة الكعبة وأمر مكة، وجمع قومه من قريش من منازلهم إلى مكة يستعز بهم، وتملك على قومه [فملكوه](٧)، وخزاعة مقيمة بمكة على رباعهم وسكناتهم لم يحركوا ولم يخرجوا منها، فلم يزالوا (٨) على ذلك حتى الآن.
(١) في ب، ج: ألا إني قد شدخت. (٢) في ج: أما. (٣) في أ: حليلا. (٤) في ب، ج زيادة: من. (٥) في ب، ج زيادة: ذلك. (٦) في ب، ج: وعظموا. (٧) في أ: فملوكه. (٨) في ج: تزالوا.