قال أبو الوليد: وذلك إلى آخر شهور سنة أربعين ومائتين ومحمد المنتصر بالله - ولي عهد المسلمين - يومئذ يلي أمر مكة والحجاز وغيرهما، فكتب والي مكة إليه: أني دخلت الكعبة فرأيت الرخام المفروش به أرضها قد تكسر، [وصار](١) قطعا صغارا، ورأيت ما على جدراتها من الرخام قد تزايل تهندمه ووهى عن مواضعه، وأحضرت من فقهاء أهل مكة وصلحائهم جماعة فشاورتهم (٢) في ذلك، فأجمع ظنهم بأن ما على ظهر الكعبة من الكسوة قد أثقلها ووهنها ولم يأمنوا أن يكون ذلك قد أضر بجدراتها، وأنها لو جردت أو خفف عنها بعض ما عليها من الكسوة كان أصلح وأوفق بها، فأنهيت ذلك إلى الأمير ليرى رأيه الميمون فيه، ويأمرني (٣) في ذلك بما يوفقه الله ويسدده له. وكان فرش أرض الكعبة قد تلم منه شيء كثير شائن. وكتب (٤) صاحب البريد إلى أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله بمثل ما كتب به العامل بمكة من ذلك وتواترت (٥) كتبهما به [وغاليا](٦) في ذلك. وذكرا في بعض كتبهما: أن أمطار الخريف قد كثرت، وتواترت بمكة ومنى في هذا العام، فهدمت منازلا كثيرة، وإن السيل حمل في مسجد رسول الله ﷺ وإبراهيم نبي الله ﵇ المعروف بمسجد الخيف، فهدم سقوفه وعامة جدراته، وذهب بما فيه من الحصى (٧) فأعراه، وهدم من دار الإمارة بمنى وما يليها (٨) من الحجر
(١) قوله: «وصار» ساقط من أ. (٢) في ب، ج: وشاورتهم. (٣) في ب، ج: ويأمر. (٤) في ج: فكتب. (٥) في ب، ج: وواترا. (٦) في أ: وتماليا. (٧) في ب، ج: الحصباء. (٨) في أ، ب: فيها. والمثبت من ج.