قال له:"إنَّك لشاعر؛ لولا أنَّ بيتك معيب من ثلاثة أوجه، لأنّك قللت جفان قومك، وأسيافهم، وما أقطرت من دَمٍ حين (١) لم تقل: جفان وسيوف ويَجْرين، وفخرت بمن ولدت، ولم تفخر بمن ولدك" [قال أبو الفرج (٢): وفي رواية بعد نقده الجفنات، وقلت:"يلمعن بالضّحى"، ولو قلت:"يبرقن في الدّجي"، كان أبلغ في المدح؛ لأنَّ الضيف باللّيل أكثر، وقد زيد في هذا البيت، نقد أربعة مواضع أخر. وهي: قوله: "الغرّ" ولم يقل: "البيض"؛ لأنَّ الغرَّة يسيرة، و "يلمعن" ولم يقل: يشرقن، ونحو ذلك مما يقتضي ضياء بياض الشحوم. و "بالضُّجى"، ولم يقل: بالضحاء (٣)؛ لأنَّه أوسع وقتًا، "ودمًا"، ولم يقل: دماء.
قال أبو الحجّاج: وهذا كلّه تعسُّف، وتكلُّف. وقد حكى أبو الفتح (٤)، عن أبي عليّ، أنَّه كان يطعن في هذه الحكاية، يعني التي تؤثر عن النّابغة، في نقد بيت حسّان، بقول الله تعالى:{وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ}(٥).
قال أبو الحجّاج بن يسعون: وقد قال النَّابغة (٦) في قوم من بني أسد،
(١) في الأصل "يريد … يقل" ويردّه ما قبله وما بعده. (٢) الأغاني ٩/ ٣٤٠. (٣) في الأصل "بالضحى". (٤) في ح "ابن جني وغيره .... "، وينظر المحتسب ١/ ١٨٧ - ١٨٨، والحجّة ٦/ ٢٢. (٥) سورة سبأ: ٣٧. (٦) الديوان ٩٩، وعجز البيت: فيهم ورهط ربيعة بن حذار